وقائع

نجاة من فوهةالموت

#في عيد الفطر من سنة 1980أصرت زوجتي على التوجه للمشارقة حيث أهلها من ذات الحي بعد مذبحة حي المشارقة بيوم واحد ولهفتها  وخوفها عليهم دفعتها بالمغامرة.
ولوعتي عليها جرتني لأكون معها وكلانا لا ندري ما مصير أهلها ..
دخلنا المشارقة . ونبضات قلبي تارة تعلو لأكثر من المعتاد وتهبط أخرى .حتى وكأن. قلبي سكن عن الحركة . لما يتخيل لي من صدمة الكارثة فيما إذا كان أهلها من الذين ذبحوا وكيف ستكون حالتها . عند المواجهة .

وما حالي حبا بها وبأهلها . قدمايا مثقلتان .أذنايا صاخبتان . عينايا دامعتان . يدايا مرتجفتان .. من أصعب اللحظات التي واجهتها في حياتي .
الحمد #لله سالمون .تعانقنا كما من خرج ابنه حيا بعد دفنه .

مذبوح أغلب من أعرف من الحي..يوم عيد فطر بمأساة..

بعد ساعتين من وصولنا …

اتشتعل حي  المشارقة بالرصاص واشتعلت المنازل بعويل ونواح ونحيب واستغاثة من بداخلها . .

خرج أشقاء زوجتي هربا باتجاه حي الكلاسة . ووالدها والنسوة بتن يناشدنني بالهرب .

فتحت باب المنزل المطل على الشارع … الرجال تركض باتجاه الكلاسة .ومنهم من هو غير متمكن من ستر جسده ..والرصاص كالمطر فوق الرؤوس من كل الجهات .

خروجي مشروع موت وبقائي يواجه نسوة يلحن عليّ بالهرب لأن بقائي سيؤدي لذبحي أمام أعينهن ..

وقد يفتضّحن بسسب وجودي إذا ما دخل الجيش منزلهن كما دخل البارحة منزل الجيران  .

ليس من بد للمغادرة..!!

خرجت من المنزل دون معرفة الإتجاه ولا المصير وصلت الطريق المؤدي لسوق الهال …

نظرت للشرق واذ بناقلتي جنود . ترجل من فيها وأخذوا يطلقون النار يمينا وشمالا ووجهتم نحوي . والرصاص من البساتين المتواجدة غرب سوق الهال ينهمر حولي كالمطر .

لا مجال للوقاية ولا الحماية ولا حتى  الهرب .

وما زاد الأمر تعقيدا إلتفت شمالا وإذ بزوجتي تلحق بي ولا تبعد عني سوى حوالي خمسين مترا :

هذه المسافة أبعد من مئة سنة ضوئية
لم يعد الأمر روحي .. عفتي كرامتي تاجي من تحبني لدرجة أنها  آثرت اللحاق بي ولو قتلت .!
لا يمكن الإختيار ولا التفكير وصلت ووصل أحد الجنود وهو يطلق النار واقترب مني وقال :

أهرب وإلا سيصل اليك بعد لحظات النقيب وهو علوي وسيقتلك

وتابع المسير … لحظات وصل النقيب  ووضع فوهة البندقية في حنجرتي
وأرجعني للجدار … ذهب. البصر وبكم اللسان وبقي السمع فقط ..

وزوجتي تستغيث وتناشده بعدم قتلي . ..

وقالت له نحن من كفر داعل..

فقال: يعني. علوية! قالت: نعم ازاح البندقية عن حنجرتي .وتجاوزني …

سقطت أرضا لا أستطيع الحراك وزوجتي تحفزني وأعادت اليّ إمكانية الوقوف ومرّ تكسي ركبنا به وخرجنا للقرية حيث بقيت لمدة شهرين لا أستطيع مغادرة السرير … هذا نوع من وطنيتهم ! علوي !!! جحيم الموت..

أ:علي علايا  #وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى