كلمة الزوج

امرأة وقفت أمامي تسأل بابتسامة: “بكم أرخص طلاء أظافر؟”
أجبتها: “بخمسة جنيهات.”
تهلّل وجهها، اختارت لونًا وقالت وهي تنظر إليه بفرح:
“هذا اللون أحببته منذ زمن.”
انتظرت زوجها القادم من بعيد…
فما إن وصل، حتى قالت له بفرح طفولي،
فردّ ببرود جارح:
“ما هذا الهراء؟ خذي شيئًا للأولاد… كوني عاقلة!”
انطفأ وجهها، اصفرّت وجنتاها، نظرت إلى الطلاء في يدي،
ثم قالت بصوت خافت: “شكرًا”،
وغادرت وهي تجرّ خيبة لا تليق بها.
كان في يده علبة سجائر…
من المؤكد أنّه يشتريها كل يوم.
2.
رجلٌ مسنّ وقف أمامي يقول بكل حنان:
“أرني أجمل وأغلى ما لديك لابنتي.”
ناديتها من بعيد، جاءت وهي خجولة،
فقال لها: “خذي ما تشتهين يا بنيّتي.”
اختارت روجًا بسيطًا، وكان وجهها يشعّ نورًا وفرحًا.
ألحّ عليها الأب: “وماذا أيضًا؟”
اختارت بصعوبة شيئًا آخر، وهو يُصرّ أن تسعد.
فرحتها لم تكن بالحاجة… بل بوجوده معها،
بيده التي تختار معها، وصوته الذي يُشبه حضن الوطن.
مشهد أبكاني من الداخل…
ظللت أتابعه حتى غادرا.
3.
شابة جميلة ومعها أخوها الأصغر،
تأتي إليّ تطلب منتجًا لتغطية أثر جرح على وجهها.
بحثتُ فلم أجد الدرجة المناسبة،
ضاق صدرها، وظهر الانكسار في عينيها.
التفت إليها أخوها وقال بهدوء:
“وجهك جميل، لا يرى الناس ما ترينه،
هم يرون الجمال، لا الندبة.”
ابتسمت… وكأنّ كلمته رمّمت قلبها،
أعاد لها ثقتها بكلمة صادقة.
4.
زوجان مع ثلاثة أطفال، أحدهم رضيع.
وقفت المرأة تتفرج على الألوان،
فأخذ الزوج منها الطفل ليريحها،
وبدآ معًا يختاران درجة روج.
قالت: “أحب هذه.”
قال: “عندك منها، خذي الأغمق.”
ردّت: “لا أظن.”
أجاب بثقة: “بل عندك. اشتريناها العام الماضي من الإسكندرية،
أتذكرين؟ كنتِ سعيدة جدًا حين وجدناها.”
ضحكت وقالت: “أنت تتذكر ما نسيتُه أنا!”
قال: “لا أتذكّر اللون… بل أتذكّر فرحتك به.”
⸻
النتيجة…؟
هو الرجل، في يده أن يضيء حياة المرأة…
أو أن يطفئها بكلمة.
• الرجل الأول كان بإمكانه أن يُسعد زوجته بخمسة جنيهات، لكنه بدد سعادتها بكلمة جافة لن تنساها.
• الأب الحنون يغرس في قلب ابنته شبعًا عاطفيًا لا يعوّضه أحد.
• الأخ حين يحتضن ضعف أخته بكلمة، يمدّها بقوة لا تُهزم.
• الزوج المُحب للتفاصيل، الذي يتذكّر ما نسته، يُصبح بالنسبة لها “ذاكرتها الجميلة”، وطنها، وفرحتها.
الاهتمام… ثم الاهتمام… ثم الاهتمام.
تفاصيل صغيرة قد تغيّر العمر كله
محمد رياض #وقاىع-الشارع-العربي