مع زوجتي

غالباً .. ومنذ أربعين عاماً تقريباً ، تنكش زوجتي أصولي الفلاحية عندما ينشب الخلاف بيننا ، وهو شبه يومي ، فتقول لي بصوتها القوي: أنت شو بيعرفك بهي الشغلة ؟ أنت شقفة فلاح ..
أصمت إذا كان الحق علي ، وهو بنظرها هكذا ، وأقول لنفسي: الله يخزي الشيطان يارجل ، لحظة غضب وتمر ، وأحاول فيما بعد أن أشرح لها أنني من أصل ال76 سنة ، وهو كل عمري ، عشت في القرية من ذلك العمر الطويل ثلاث سنوات فقط .. وما تبقى من عمري أمضيته في دمشق واللاذقية وحماه وحلب وحمص وبيروت والرباط وعمان وجنيف وبرلين واسطنبول وماردين ، وأخيراً في مونتريال منذ 36 سنة ، ألا تغفر كل هذه المدن التي عشت فيها السنوات الثلاث الفلاحية ؟!
تقول عادة لتبرر سلوكها العدواني والطبقي ومدنيتها : إن الأصل فيك هو في الثقافة الفلاحية التي تلقيها في بيت أهلك .. كنت أصمت هنا لأن الحق معها جزئياً ، ولكن كنت أكره فيها هذا الشعور بالتفوق عليّ لأنها فقط ولدت في المدينة ، بينما أنا ولدت في بيت ريفي فيه مزود للحيوانات كالمزود الذي وُضع فيه المسيح بعد ولادته .. وعندما كنت استشهد بالمسيح ، كانت تقول: لا يحق لك وأنت الكافر أن تذكر المسيح !!
ضمنياً رغم أنني أحمل شهادتين جامعيتين ، كنت أشعر أنها أقوى مني ، فلولا المدينة لما كانت هناك حضارة ، إذاً معها حق ، فهي بنت حضارة المدينة ، لذلك عندما ارتديت هذا الصباح ثيابي كي نذهب معاً إلى المقهى ، أجبرتني على خلع ملابسي لأن ألوان الثياب لم تكن منسجمة مع بعضها قائلة: ذوقك فلاحي ، ثم أختارت الثياب التي يجب أن أرتديها كي تسير بقربي ، وهي الثياب التي تبدو في الصورة .
ميخائيل سعد
#وقائع-الشارع-العربي