وقائع

خيانة بصمت

#قصة_مقبسة_من_واقع

لم يكن زواجنا عن حب بل كان زواج تقليديًا جدا اتفق الأهل عليه وتم الزواج بيننا ، في العام الأول من زواجنا كانت الخلافات كثيرة بيننا لاسيما لاختلاف افكارنا وطريقة حياة كلاً منا لكن كانت في كل مرة يتنازل أحدنا ويعتذر ويغفر الآخر سريعا ، في العام الثاني بدأت تدخلات الأهل وسؤالهم المستمر عن تأخر الإنجاب فجميع من تزوجن معي أنجبن الطفل الأول كان هو يرد دائما أننا قررنا تأجيل ذلك حتى نفهم بعضنا ثم نفكر بهذا الأمر في سنواتنا المقبلة ، وازداد التدخل عاماً بعد عام فأهله يضغطون عليه بالزواج من أخرى لتنجب لهم الطفل المنتظر وأهلي يضغطون عليّ في سؤالهم المتكرر من منا المصاب بالعقم !، كانت الأيام أقسى من أن نتحملها ، كان هو نعم الزوج فقد وقف لهم جميعا وأخبرهم أنه سيبقى معي حتى لو لم ننجب أبدًا ويأتي إليّ بكل الحب والود ماسحاً على رأسي وهو يقول : صدقيني لا يهمني سواكِ أنتِ زوجتي وابنتي ولن افرط بكِ أبداً..

لكنِ كلما صحوت فجرا أجده على سجادته يناجي الله باكيًا أن يرزقنا بطفل يكون لنا سندا وعونا فأبكي لبكائه، كلما التقيت صديقة رأيت في عينها نظرة من الشفقة لحالي وهي تنظر إلى بطني الفارغة وتسأل : ألم تحملي بعد ؟! فأبكي لحالي ، حين نجتمع مع الأهل يسأل الجميع من فيكم المتسبب بتأخر الحمل إن كان هو فاتركيه وابدئي حياتك مع غيره لازلت في ريعان شبابك وان كان العيب فيكِ فاتركيه يتزوج بأخرى هذا حرام عليكِ فأعود لبيتي باكية راجية الله أن يبرد على قلبي .

اليوم وقد مضى على زواجنا خمسة أعوام ولم أجد منه سوى كل الخير وقللت التعامل كثيرا مع الأهل والأصدقاء لئلا يفتح أحدهم جرحًا غائرًا في قلبي ، واكتفيت بوجودنا مع بعضنا فوجئت برسالة إحدى صديقاتي وقد أرسلت إليّ الكثير من الصور التي تجمع زوجي مع امرأة أخرى ، حاولت الهدوء حتى أفهم الأمر جيدًا ولا أتسرع ، عاد ليلتها في التاسعة مساءً كما اعتاد في هذه الفترة للعمل ساعات إضافية تُدر عليه بالمزيد من المال ، سألته بكل هدوء :

-كيف كان يومك ؟

العمل كثير جدًا حتى أني أفكر في العمل لساعات إضافية .

ابتسمت في برود ثم أردفت :

-اتصلت بك في العمل فأخبروني بذهابك منذ الخامسة !

ابتلع ريقه بصعوبة شديدة ثم قال بتلعثم واضح :

مُتعب جدًا سأذهب للنوم .

انتفضت من مكاني ولم أستطع التحمل لأكثر من ذلك فأعطيته الهاتف وأنا أسأله عن تلك الصور !

لم يستطع الانكار واقترب مني ليوضح الأمر في محاولة منه لشرحه دون أن يحل الفراق :

*أنا لم أخنكِ هي زوجتي .

انهمرت دموعي رغمًا عني كنت أبكي دون صوت مني وأنا ارى سنين العمر تمر أمامي وأربط بين كل تصرفاته الغريبة ومكالماته الكثيرة وانشغاله الدائم وهو شارد الذهن وحتى راتبه الذي قلّ في هذه السنوات ولم أسأله يوما .

أردف مُحاولًا تهدئتي وقد نكس رأسه لأسفل وضمّ كفاً على كف :

*تزوجتها منذ ثلاثة سنوات بعدما توفي زوجها وقد كان صديقي وترك لها طفلين كنت أود لو أشعر بالأبوة معهم في هذه الساعات التي أقضيها معهم بعد انتهاء دوامي في الخامسة .

-أضحكتني كثيرا حقاً… أضحيت أنا بسنين عمري ولم أتركك منذ عامنا الاول وقد علمت عن استحالة انجابك ؟ بقيت معك وتحملت كل الكلام من الجميع وتكون هذه نهايتي تتزوج بأخرى لتشعر بالأبوة!؟ فماذا عني وعن أمومتي التي حرمت نفسي منها لأجل البقاء لجوارك لأجل ألا أجرح شعورك .. لماذا لم تخبرني من يومها ويذهب كلا منا في طريق ؟

*كنت دائما أود الإحتفاظ بك .

-تقصد تمارس أنانيتك وتحرمني من ممارسة حقي وإلا لما أخفيت الأمر كيلا تخسر شيئًا.

كان هذا حديثنا الأخير قبل الذهاب لبيت أهلي وطلب الانفصال في هدوء ، والحقيقة أنه بعد يومين أرسل ملابسي في حقيبة ومعها ورقة طلاقنا .

لا أعلم كيف كان من السهل أن يفعل ذلك لكن ماعلمته حقا أني ضيعت مامضى من عمري مع رجل لم يستحق إخلاصي له يوماً ولا خوفي على مشاعره يوما !.

قررت حينها فقط أن أبدأ حياتي من جديد لكن ليس مع رجل وإنما قررت العمل بإحدى دور الأيتام لأمارس أمومتي التي حرمت نفسي منها بيدي لمداواة قلبي أولًا وربما يومًا ألتقي بمن يُعوضني عن كل هذا .

هاف مون  #وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى