قصص من الواقع

بيت جدي

#مررت صدفة بالشارع القديم الموجود به بيت جدي..
لا إراديا عندما رأيت باب البيت اقتربت منه…
ثم دقيت على الباب المرة الأولى
في المرة الثانية …تذكرت أنه بيع منذ سنين..وسنين
أردت الإبتعاد…ثم فتح الباب رجل يقاربني في السن
تلعثمت في الكلام:
_أأردت..أن أرى البيت من الداخل إنه بيت جدي
تبسم في وجهي…ثم تطلع في وجهي بثبات….وكأنه عرفني….
ثم نادى على زوجته قائلا :
_ان السيدة ترغب في رؤية بيت جدها!!
احسست بالخجل.لعلها تحسبني..مختلة بعض الشيء…
لكنني تفاجأت بسيدة …مبتسمة..مرحبة…
طلبت مني الجلوس في بيت الإستقبال….لكنني رفضت
أريد أن أرى كل أركان البيت،رجاءا…هل هذا ممكن؟؟
أشار لها زوجها بالقبول..
بدأت أجول في أطرافه…
أحسست أن الجدران عرفتني…تذكرتني..
تغيرت كثيرا ملامحه الثانوية…
بقيت تلك الملامح الأصلية على حالها.. .
عندما وصلت غرفة جدي  سقطت دموعي. متسائلة ..أين انت ياجدتي؟..أين حضنك الحنون
ذلك القلب الذي يحتويني ،عندما أبكي أو أمرض
صحيح وجدت أثاث وديكور آخر….لكن نفس جدي وجدتي …كان يحومان بقوة أطراف الغرفة …..
وبدون وعي وجدت نفسي…أصعد السلم..بتثاقل…
ليس مثل الماضي..أصعد راكضة.
..عندما ألحق بجدتي ..وهي تجفف الكسكس….في ذلك السطح العتيق…
بدأت أتطلع على أركانه:
هنا كان ينام جدي فوق سريره
وهنا جدتي..وخالي وخالتي وخالي الآخر…وكأنهم ينظرون إلي….
لم يكن عندنا المبرد في تلك الٱونة ولا التلفاز….
في ليالي الصيف الساخنة….كنا نقضي أجمل…الأوقات في هذا السطح…
بين أحجيات جدتي والغاز خالي …إلى أن يغلبنا النعاس..
بينما جدي يستمع لجهاز..راديو…..
أتذكر جيدا….تلك الحصة..الرائعة..هنا لندن….هنا…صوت..ا.لشعب..صوت .الثورة…
ثم نزلت…كم كان صغيرا البيت..وأنا التي كنت أتخيله من أوسع البيوت
ورغم ذلك ..كان يعج بالأقارب والضيوف!!

وعند خروجي …صممت السيدة على واجب الضيافة
رفضت…فقط أردت أن أرى بعض ذكرياتي..تلك القطعة التي تسكن في قلبي..ولم انساها ابدا..حينها قال لي السيد:
_لقد عرفتك…أنت فلانة…أنا أحمد صديق الطفولة..نسيتني؟!
فعلا..تذكرته….تغير كثيرا
أثناء رجوعي إلى بيتي…
حدثتني نفسي….مانحن إلا سراب..
أين كل تلك القلوب التي أحبتنا وأحببناها؟
كان البيت يعج بالأنفس.ولا أحد منهم  بقي على قيد الحياة ..كلهم ذهبوا….وهذا طريقنا نحن أيضا..
لماذا نأذي بعضنا؟ونكسر خاطر بعضنا من أجل أوهام الدنيا.؟ …تلك الأوهام الفانية…
كما قال شكبير:
خلقنا من نفس المادة التي خلقت منها الأحلام….
نحن مجرد مستأجرين….كلنا مستأجرين مؤقتين…
لا الأيام تعود للوراء….ولا الذكريات تركتنا نتحرر منها…
مانحن الا ضيوف في هذه الفانية
مثلما كنت ..أنا منذ قليل …ضيفة في بيت جدي..

أماني  #الشارع_العربي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى