…حكاية شعب…
قبضَ الموظّف الشريف راتبه من الصرّاف الآليّ…
ثمّ ركب الباص المزدحم ليصل إلى بيته ويفرح أطفاله بما قد يجلبه لهم.
وكان هناك لصّ يراقبه..
صعد إلى الباص ووقف خلفه وسرق له الراتب
عندما طلب الجابي ثمن التذكرة، لم يجد الموظّف في جيبه شيئًا، فاحمرّ وجهه خجلًا، وعجز لسانه عن الكلام،
فقال له الجابي مُستهزئًا: “عيب عليك.. عامل حالك محترم كلّ يوم منشوف من هالنمرة كتير”توسلا واستعطافا وتسترا وراء الخجل والقصص الواهية التي لا تبرير لها سوى الشفقة والتكرم عليكم بالمسامحة …
فما كان من اللصّ الذي ضربته النخوة، إلّا أن قال للجابي: “عفوًا منك أجرة الأستاذ عليّ”.
فابتسمَ الموظّف الشريف وقال للّص: “الله يبارك فيك ويكتّر من أمثالك ويجبر بخاطرك يا شهم، بالحقيقة ما بعرف كيف بدّي أتشكّرك”.
وأخذ الركّاب أيضًا يمدحون اللصّ ويثنون عليه وعلى أخلاقه العالية ,ويدعون له ولأمثاله بأن يبارك الله فيهم ويزيد في أعدادهم. ومنذُ ذلك الحين وأعدادهم بازدياد إلى أن تسلّمَ عدد منهم مناصب في الدولة، ومنهم من ترأس مواقع..
ومنهم مدراء مؤسّسات، ومنهم مَن أصبح وزيرًا.. وكلهم لصوص في بدلة الشرفاء والنزهاء يعيثون في الأرض فسادا بحجة الإصلاح التميز والإرتقاء بشعب يأكل من فتات رزقه وعرق جبينه الدي يكد فيه ويعرق…
(واللصوص الشرفاء) يتهمونهم بدعوى أنهم شعوب لا تحمد الله على ما هي عليه ,من نعم ورزق وفير .
خيرات البلاد التي توزعت بين لصوص الوطن الخونة,وبين أطماع العدو الدي لا ينفك يستحود على ثروات الشعوب المقهورة فيتركها فريسة الجوع والقهر والموت الدي يكون أكثر رحمة من اللصوص التي تستقل باصات الشعب, المثقلة بالديون والمنغمسة في غايابات الجهل الدي رسمه لها لصوص الأرزاق والسعادة والطمأنينة والفرح ,لا لشىءفقط لجشع أناني شعاره أنا وبعدي الطوفان, فانجرف الحابل بالنابل وأكل القوي الضعيف وسجن الشريف , وتحرر الخائن وأصبحت الشياطين ملائكة , وأصبح الإله المال وصارت الأسياد عبيد, والعبيد أسياد,فانحرفت القاعدة عن الأساس ولازلنا نحن ركّاب الباص عن الراتب نبحث مستسلمين مدعنين تحت رحمة اللص المحترف ….
أما الموظف البائس الجاهل لكل الوقائع يستسلم بقناعة أنه القضاء والقدر…
مختارات** الشارع العربي **