شخصية عالم الفيسبوك
العالم الإفتراضي
ما الذي يدفع البعض للإ نغماس في العالم الإفتراضي؟ وما خطورة ذلك؟
إن أثر العالم الإفتراضي على النفس الإنسانية معقد ومتداخل ، فيذهب البعض للقول : أن هذا النمط من الطرح فيه تهويل .
ويغيب عنه التمعن في حال الكثير ممن إنغمس وأدمن مواقع التواصل ، وأثرها على علاقاته الإجتماعية ، داخل نطاق الأسرة أو خارجها .
كإدارة وقته ، ورقابته على نفسه وأسرته ، و إبتعاده عن الحياة الإجتماعية الواقعية وتحوله لعلاقات إفتراضية ،تبدل عادات نومه ويقظته .
ولو سألت أحدهم عن عدد الساعات التي يقضيها على جهازه اللوحي والمحمول ، يحتار جوابًا ويتهرب منك .
إن هذا الكائن الإفتراضي يؤثر بشكل رئيسي على النفس ، وهذه النفس تتأثر بالمحيط وتؤثر بِه ،وهذا التأثر لها عقاب له في مستقبل الشخص سواءًا دينيًا أو دنيويًا ، لذلك يجب علينا أن نضع هذا في عين الإعتبار، ويجب أن لا نستهين بتأثير العالم الإفتراضي على حياتنا .
أوهام الواقع الإفتراضي
لقد أصبح العالم الإفتراضي عالم موازٍ ، يبنيه الإنسان ، هربًا من واقعه ، يحاول فيه الشخص أن يكوّن عالمه كما يحلم هو بِه ، وهو حكمًا لا يطابق الواقع الحقيقي ، لأنه لو طابقه ما لجأ إليه ، أو على الأقل لم يدمنه .
إن طبيعة النفس الإنسانية تميل لإختيار الأسهل ، وتهرب من الإنتقاد ، وتحب الشهرة والبروز ، وهذا يتحقق بشكل واضح في وسائل التواصل الإجتماعي .
لذلك فإن الإنسان وفِي هذا العالم الإفتراضي الذي يبنيه يحقق ما يصبو إليه , فيعيش أوهام
1 :وهم المعرفة: من السهل الحصول على المعلومة وليس بذل الجهد لإننتاجها واستنباطها ، كمثل من ينتقد ثمرة تفاح معطوبة ، أو يصفها ، لكنه لم يزرعها ويرعاها .
2:وهم القوة : يعتقد أنه قوي نتيجة الهالة الكاذبة التي يحصل عليها من محيطه الإفتراضي الذي إخترعه ووسعه بإضافة شخوص إفتراضية تعلم ما ينشر فقط.
3 :وهم الشهرة والسطوة : وهو كذلك مستمد من واقعه الإفتراضي ، من جوقة المصفقين له ، لأن الإنسان بطبيعته يرفض الإنتقاد ، ولذلك من السهولة أن يضع فلتر خاص لإنتقاد جمهوره ، فيضيف من يعزز له وهمه ،ويحظر من ينتقده ويعارضه .
إزدواجية الشخصية في العالم الإفتراضي
إن هذا العالم المتخيل الإفتراضي ينهار حين ننزع أدواته من بين يديه ، فيصاب بالإحباط و اليأس والرعب ، وتنهار معرفته السطحية ، وقوته الهشة.
إن الأنترنيت وتطبيقاته سهل للكثير بناء واقع إفتراضي ، يطابق ما كان يتوقعه حقيقة وفشل فيه .
إن من يدمن العالم الإفتراضي يطور سلوكيات مغايرة تمامًا لشخصيته الحقيقية، شخصية خاصة لها سلوك معين لا تتطابق مع واقعه .
و لهذه الشخصية مخاطر تظهرفي ثلاثة أمور:
الأول: ظهور أكثر من شخصية افتراضية لنفس الشخص ، مرتبطه بعدد العوالم والشخصيات الافتراضية التي رسمها لنفسه.
الثاني: ظهور الشخصية الإفتراضية في جميع الفئات العمرية, أي عدم إقتصار الظاهرة على جيل معين , فكل الفئات العمرية تمتلك شخصيات إفتراضية على صفحات التواصل الرقمي وهذا مؤشر خطير جدا.
الثالث: عدم انتباه أصحاب المسؤوليات على وجود هذا النوع من الشخصيات غير الواقعية,وبالتالي تبقى هذه الشخصية الإفتراضية شخصية سرية لدى الإنسان, وقد تستمر معه عمرا طويلا وسنوات عدة، وقد تتفاقهم المشكلة، لتتحول الشخصية الإفتراضية تلك, إلى شخصية واقعية سلبية قد تؤذي نفسها وغيرها.
هناك ثلاثة أسباب هامة وهي:
أولا: الرغبة الجامحة للهروب من الواقع الحالي الصعب إلى واقع افتراضي سهل جدا، بسبب عدم قدرة الإنسان على تحقيق مواصفات تلك الشخصية في الواقع بسبب تحديات وصعوبات الواقع، فيقوم بتقمص شخصية افتراضية تعبر عن شخصية يرغب في الوصول إليها, ولكنه يفقد القدرة للوصول إليها، سواء كانت هذه الشخصية المرغوبة سلبية أو إيجابية .
ثانيا: الرغبة في التجربة إذ شكل العالم الإفتراضي رغبة كبيرة في تجربة هذا العالم والغوص في تفاصيله، والبحث في ثقافته والتواصل مع شخوصه: التجربة في التعرف والإكتشاف ، وهذا من أهداف صناع هذا العالم قيام الناس بالتجربة المباشرة.
ثالثا: مجانية العالم الإفتراضي وعدم وجود أية مسؤولية قانونية، سمح لأي شخص القيام بعمل مجموعة كبيرة من الحسابات في كل مكان، حجم التطبيقات المجانية في جميع المجالات أعطى الفرصة لأي شخص من القيام بالتجربة بكل بساطة.
وتعد الشخصية الإفتراضية أخطر ما أظهره العالم الرقمي من أمراض نفسية وشخصية وإجتماعية على العالم، إنفصام ما بعده إنفصام ، أصبح الإنسان لا يعرف من هو بالضبط، في أي شخصية هو اليوم؛ البعد عن الواقع، وضياع وتشتت الأهداف والمسؤوليات، فقدان الرؤية للمستقبل.
سليمان_عمر** الشارع العربي**