قصص من الواقع

ماذا تريد أن اعرف عنك؟

رأت المعلمة الأمريكية ، كايتي شوارتز ، في مدرسة بمدينة دنفر في ولاية كولورادو ، أن هناك فجوة كبيرة بينها و بين طلابها الصغار.

و الأخطر أن هذه الفجوة تزداد تدريجياً ؛ ما جعلها تعمل على حل يقربها منهم . فأعدَّت مشروعاً صغيراً بعنوان : “أتمنى لو معلمتي عرفت”.
يرتكز هذا المشروع على تسليم طلابها ورقة معنونة بسؤال : “ماذا تريد أن أعرف عنك؟”.. فصُدمت المعلمة بالإجابات التي تلقتها.

أحد الأطفال يقول : “أتمنى لو معلمتي عرفت أنني لا أملك أصدقاء ألعب معهم”.
و آخر يقول : “أتمنى لو معلمتي عرفت كم أشتاق إلى أبي .. أذهب إلى غرفته كل يوم و لا أجده و لن أجده .. فقد رحلوه إلى المكسيك نهائياً .. سأظل بلا أب”.
و ثالثة كتبت : “أتمنى لو معلمتي عرفت أنني لا أملك أقلام رصاص في المنزل حتى أؤدي واجباتي الدراسية”.
و كتب رابع :” أتمنى لو معلمتي عرفت أن شقيقتي كفيفة و أقوم بمساعدتِها طوال اليوم”.
أما إحدى الطالبات فقد ردَّت على سؤال المعلمة قائلة : “أتمنى لو معلمتي عرفت أن أمي و أبي يتشاجران طوال اليوم .. أكره العودة إلى المنزل و أكره الذهاب إلى المدرسة أيضاً لأني سأحاسَب على دروس لم أذاكرها و واجبات لم أقم بها”.

كانت إجابات الطلاب العفوية و الصادقة مفتاحاً للمعلمة لتكتشف جوانب خفية و مخبأة في حياة تلاميذها .. ساعدتها على مساعدتهم و عودتهم تدريجياً إلى فصولهم.
شرعت في حل كل مشكلة على حِدة .. زارت منازل طلابها و بدأت في معالجة ما يمكن معالجته.
و الأهم من ذلك كله أنها بدأت تفهم عقلية و خلفية طلابها جيداً و في ضوء ذلك قامت بمعاملتهم و توزيع واجباتهم بناءًا على ظروفهم و تحدياتهم بشكل يجعل المدرسة عاملاً مسانداً لا عبئا عليهم.

مشروع المعلمة كايتي انتقل إلى كثير من المدارس و تم تطبيقُه بشكل ممنهج و مؤسس انعكس على أداء الطلاب و المدارس معاً .. بل امتد إلى المجتمعات المحيطة ؛ لأن كل هؤلاء الطلاب جزء من مجتمعهم الأكبر.

ليست مدارسنا فحسب التي تحتاج إلى تبني هذه الفكرة الجميلة التي تردم الفجوة بيننا و بين الآخرين ، بل كل مجتمعاتنا.

هل سبق أن سألنا أحبتنا هذا السؤال : ماذا تريدني أن أعرف عنك؟
نعتقد أحياناً أننا قريبون جداً منهم ..
لكننا في الحقيقية بعيدون جداً عنهم …
أكثر مما نتصور .

#مختارات_#الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى