قصص من الواقع

شقوق القلوب

#تقول إحداهن :
كنت في طريق عودتي من الدراسة برفقة #صديقتي، فباشرت المطار الهطول علينا فجأة..
ورغم محاولتنا الإسراع في سيرنا تفاديا التبلل قدر الإمكان، إلا أن غزارتها منعتنا، فلجأنا إلى دكان قريب نحتمي بسقفه..
كان الدكان قريبا جدا من #منزلنا، وهذا ما اشعرني بالإرتياح عكس صديقتي التي كان منزلها لا يزال بعيدا عنا،
حينها ابتسمت وقالت لي: طوبى لك! منزلك هنا، أنا التي لازال ينتظرني الكثير حتى أبلغه.
لم أعرف هل اشعر بالإرتياح لقرب منزلنا أم أحزن على صديقتي التي خشيت التقدم خوفا من تبلل ثيابها..
وما احزنني أكثر هو #عجزي التام عن #دعوتها_للدخول_لمنزلنا حتى يخف المطر، فمنزلنا ليس بتلك الفخامة التي تجعلني لا أخجل من دعوتها إليه، فحاله رثة، وجدرانه مهترئة، خصوصا بعد هذا المطر..
أكيد أن #أمي قد ملأت أرضيته دلاء تحصر داخلها قطرات المطر المتسللة من شقوق سقفنا،..
فبعد إصابة والدي في عمله لم يعد قادرا على إصلاحه لنا، ترددت كثيرا في دعوتها من دونها، إرتبكت، توترت، خجلت جدا، اعلم أنها صديقتي ولن تسخر من منزلنا وتشققاته، ستتفهم، ستدعي عدم اهتمامها، لكن والدتها ستسألها وستخبرها عنه، وقد تخبر باقي صديقاتنا أيضا، ستسخر بعضهن مني ويتغامزن سرا علي، والبعض الآخر سيشفقن على حالي..
كل تلك الأفكار ظلت تدور في رأسي، تصدني عن دعوة صديقتي التي كانت على الأغلب تنتظر مني دعوتها، فحاولت المغادرة بعد نفاد صبرها ولم اقو حتى على منعها!
حينها فتح الباب بغتة، كانت #امي وهي ترقب عودتي في ذاك #الجو_الماطر، فطلبت من كلينا الدخول مباشرة دون تردد أو خجل، فرحبت بصديقتي ودعتها لتناول الغداء معنا فقد أعدت خبزا شهيا لم تستطع صديقتي مقاومته، واثناء ذلك، طلبت منها اعطاءها رقم هاتف والدتها لتخبرها أنها عندنا، أكيد أنها قلقة عليها، فكان ردها:
_ لا تقلقي يا خالة، سأخبرها عند وصولي.
_لكنها ستقلق من تأخرك!
_لن تعلم بتأخري، هي ليست هنا، لذا لا تقلقي.
_ آآ فهمت، هي في العمل.
_ كلا، في بيت جدي.
قالتها والدموع تتجمع في عينيها، أخفتها بابتسامة مفاجئة وهي تمدح خبز أمي وبأنها لم تتناول مثله.
ازعجتني اسئلة أمي حينها حتى أوقفتها، فقد كان واضحا عليها التردد والخوف وهي تجيبها، والمزعج أكثر هو حال #صديقتي التي يبدو أنها بعيدة عن والدتها بسبب مشاكل مع والدها وربما طلاقهما، ومع هذا لم تخبرني عنها، لعلها هي الأخرى شعرت بالخجل أيضا من #شقوق بيتها، فاختارت التستر عليها خوفا من سخرية الغير أو اشفاقهم عليها، فظلت تختصر الأجوبة تارة وتارة تتهرب منها.
حينها أدركت أن #بيتنا ليس البيت الوحيد المشقوق كما كنت أظن، كل #البيوت_مشقوقة، كلها #تقطر_بالماء..
إما من #سقفها أو على #وسائدها، وأن كل شخص له طريقته في التستر عليها واختيار الوقت والأشخاص المناسبين للبوح بها، وبما انها اختارت الصمت لعل المياه تعود لمجاريها احترمت قرارها، ولم اسألها عنها، حتى هي الأخرى لم تسألني عن #شقوق_بيتنا ولم تلمح لي عليها.
واكثر من ذلك، جعلتني مع الأيام #أحب_بيتنا ولا أرى فيه #عيبا، ففرحتها بزيارتنا ذلك اليوم وحبها لخبز أمي الذي فتح شهيتها، وأسكت جوعها وغمر قلبها #بالدفء_العائلي الذي كان ينقصها، جعلني أتغير كثيرا، فباشرت دعوتها لبيتنا كلما فاجأنا #المطر، وعندما تزهر أزهار حديقتنا الصغيرة التي أحبتها، وحتى عندما تعد أمي خبزا شهيا نطيب به خاطرها..
كنت ادعوها وأدعو غيرها دون تردد أو خجل..فكل #البيوت_مشقوقة_سرا او #علانية، وبيتنا رغم شقوقه الكثيرة فيه من #الحب_والجمال ما يكفي لتحبه كل القلوب وتستأنس بين جدرانه، فهو يحمل داخله دفء بيوت مدينتنا بأكملها

نعم كل البيوت تعاني من شقوق داخلية ربما صغيرة أو كبيرة . لكن #التفكك_الأسري أصعب بكثير من شقوق الحيطان والسقف .
#فالبيت الذي تسوده #المحبة#والرضا_والقناعه_والدفء ولو كان من خشب يكون أفضل بكثير من بيوت نراها بأعيننا من الخارج #قصورا يُحسد  عليها أصحابها ولكن لا يعلم ما بداخلها إلا #الله وساكنيها.
فهنيئا للبيوت الدافئة بالمحبة والقناعة والرضا .

#سميحةبولبروات #الشارع_العربي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى