الدين والمجتمع

 الصوفية

الصوفية كفكر

يتميز الفكر الصوفى بمنهجه التربوى الذى يعتمد على فهم طبيعة النفس الإنسانية , ويمكن التأكيد أن المنهجية التربوية عند الصوفية هي أرقى المناهج أثرا….

وما زالت الكثير من المفاهيم الصوفية لم تعرف وبخاصة ما يتعلق بالقوى الغريزية التى تتحكم فى الإنسان , وغاية التربية الصوفية هي التحكم فى تلك القوى عن طريق المجاهدات التي يراد بها فطم النفس عما ألفته من العادات , وبخاصة فيما يتعلق بالشهوات والمطالب الغريزية ..

هناك أمران مهمان فى التجربة الصوفية

الأمر الأول هو:معرفة الله تعالى

وهذه المعرفة هي دعامة الدين وأهم هدف من أهدافه هو معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته والإنصراف إليه بكل خواطرالإنسان القلبية ؛وألا يكون فى قلبه إلا الله وأن يتجه إليه بكل أحواله .

فمن بلغ هذه المرتبة فهم عن الله تعالى سر التدبير وحكمة الله فيما هو مقدر على العبد ؛ وكان بذلك ساكن القلب راضيا مرضيا ,

الأمر الثانى فى الفكر الصوفى هو:

ذلك المنهج التربوى الروحي فى فهم طبيعة النفس فى تحولاتها واستعدادها مع التوقف عند كل مرتبة من المراتب التربوية التى تسمى بالمقامات والأحوال  والمراد بالمقام:  هو المنزلة الروحية التى بمر بها السالك ويقيم فيها إلى أن يستوفى كل أحوالها ثم يرتقى إلى مرتبة أعلى , ولا أحد ينتقل إليها  إلا بعد أن يستوفى مقامه الذى هو فيه من غير تكلف أو دعوى .

المقام الأعلى يتطلب آستيفاء المقام الذى هو أدنى منه , فمن أراد التوكل فعليه أن يستوفى مقام القناعة , ومن أراد الزهد فعليه أن يستوفى مقام الورع فلا زهد لمن لا ورع له , ومن آدعاه فقد توهمه , ولكل مقام من المقامات السلوكية خصوصيته ..

أحوال الصوفية 

أما الأحوال فهي مواهب لا تكلف فيه , وهي ترد على القلب كبروق تلمع فجاة فى القلب وتترك أثرها ثم تغادر , وينتقل صاحبها بفضل تلك الأحوال من مقام إلى مقام أعلى وأسمى , وقد يكون الرقي أسرع لمن كان صادقا من السالكين , وهناك صعود وآرتقاء وهناك هبوط وآنحدار , بدرجة أو درجات عندما يتمكن الوهم من صاحبه..

ماهية الصوفية 

الصادقون كثر , وأكثر منهم بكثير هم غير الصادقين من الأدعياء والمتوهمين , والحال لاتكلف فيه ولا يدوم , ويرتقى السالك به , فإذا آستقر فى مقامه تمكن منه , وهذا هو معنى التلوين والتمكين فى المراتب الصوفية ,أما الغاية من العزلة فهي أن يمنع السالك شره عن الناس وألا يختلط بالناس لئلا ينشغل بأمورهم وأحيانا يضطر لمداراتهم فيما هم فيه , والغاية من كل ذلك هو حفظ القلب عن كل الإنشغالات الدنيوية , فإذا تمكن من ذلك آنتقل إلى الخلوة التى يشعر السالك فيهابالأنس بالله , ومن شعر بالأنس بربه ضاق بمخالطة الناس , وكان أنسه بوحدته فإذا تمكن من هذه المرتبة فعندئذ يكون أقدر على مخالطة الناس ويكون أكثر ثباتا وقوة ولا خوف عليه .

المنهج التربوي عند الصوفية 

نلاحظ مماذكرناه تكامل المنهج التربوى عند الصوفية الحقة , وما نراه فى مجتمعنا من المظاهر البعيدة عن المنهجية الحقيقية للصوفية , ومن أهم ثوابت التصوف الإلتزام الكامل بظاهر القرآن والسنة وأصول العقيدة والإلتزام الكامل بآداب الإسلام فى العبادات والمعاملات والسلوك , وتعظيم الشريعة كما جاءت , والتمسك بكل الصفات المحمودة وترك كل الصفات المذمومة كالحقد والطمع والحسد والغرور والكبر والعجب والغيبة ..

صفات الصوفيون

أهم صفة فى الصوفي هي التقوى والزهد والورع والصدق , فمن كان غير ذلك فى أي وصف ينافى الكمال ويدل على النقصان , فقد آفترى على الله تعالى فيما يدعيه وكان محجوبا ومفتونا بما توهمه فى نفسه من الوساوس , تلك هي صورة عن صوفية الأوائل الصادقين من الصوفية , صوفية كل مجتمع تعبر عن ذلك المجتمع , ترتقي وتنحدر , وتخضع للأعراف الإجتماعية , والأعراف الغالبة فى مجتمعها , كل صوفية آنطلقت من الدين والتزمت به وحققت أهدافه فهي محمودة , وما آنحرف عن الدين أو الأخلاق بإسم الصوفية  أو زور مفاهيمها وأرادها مطيته لما يريد , فلا يمكن الثقة به , وهو خارج الأسوار ولا رقابة عليه وينسب فعله إليه , وهناك الكثير من التراث الصوفي الذى آنحرف عن الصوفية الحقة…

حقيقة الصوفية 

الصوفية ليست مهنة ولا مطية , وإنماهي منهج تربوى,روحي ينمى القيم الروحية ويهتم بتربية النفوس ,وطهارة القلوب عن طريق التحكم فى قوى الغريزة الشهوانية والغضبية  لكي تكون فى قبضة الشرع ملتزمة به متمسكة بآدابه , وتكون بفضل ماتربت عليه أكثر آستقامة وآخلاقية ورحمة ومحبة وتسامحا وسعة صدر .. وماليس محمودا من الأوصاف ليس من التصوف..

الصوفية خلق وأدب ومحبة لكل الآخرين. بعض الناس يتأثرون بها ويتبعونها وقد ينسبون أنفسهم إليها دون معرفة فحواها وما هيتها وماهي عليه ……

كمال عبود **الشارع العريي**

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى