عام

محكمة ودمعة

#قصة واقعية

قبل أيام، حضرتُ جلسة في إحدى المحاكم، وجلستُ إلى جوار القضاة بصفتي ضيفًا.
دخل رجلٌ مكبّل اليدين، يبدو عليه التعب والانكسار.
نظر إليه القاضي وسأله بنبرة حازمة:

“سرقت هاتف المدّعي وأنت تحت تأثير المخدرات؟”

فأجاب السجين بصوت خافت:

– “نعم، سرقت… وكنت أتناول المخدرات.”

“أتعترف أمامنا؟”

– “نعم… أعترف.”

سأله القاضي مجددًا:

“لكن لماذا؟”

فقال الرجل، وعيناه تتفادى الجميع:

– “لدي زوجة وثلاثة أطفال… هجّرتني الحرب من بلدي، وتركت خلفي بستانًا كنت على وشك جني ثماره.
ومنذ أكثر من شهرين وأنا أتشرّد في الشوارع… لا عمل، لا طعام، ولا مأوى.
كلما خرجتُ من السجن… عدت إليه مجددًا.
إن وجدتُ زوجتي وأطفالي… ربما أُقلع عن المخدرات، عن السرقة، عن الحياة بهذا الشكل.”

في تلك اللحظة، همستُ للقاضي — وكان يحمل شهادة دكتوراه في الشريعة — وسألته:

“بماذا ستحكم عليه؟”

فردّ وهو يشيح بنظره:

– “لا أدري… والله لا أدري.”

وأنت، أيها القارئ…

لو كنت القاضي، فبماذا تحكم؟
وبأي عين ترى هذا السجين؟ هل كجاني… أم كضحية؟

المحامي: علي علايا   #وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى