لا تنسي أنك امراة
تقول إحداهن:
منذ سنين طويلة،توفي زوجي وأنا شابة وأم لطفلين…عدت الى بيت أهلي ،مباشرة بعد العدة..
لأدخل في دوامة من التحكم والسيطرة التي لم أعهدها من قبل من طرف أبي وإخوتي..
كنت صغيرة ونوعا ما ساذجة ولا أعلم عن العالم الخارجي شيئا…
لم يعد يؤلمني الترمل ،قدر تفاجئي بتصرف أبي وإخوتي معي…
أصبح خروجي عبارة عن تخطيط أسري كبير…
من سوف يصطحبني عندالخروج.؟ومن يرافقني لقضاء أي شأن من شؤوني أو شؤون أولادي.؟.
إلى درجة أنني أحسست بالإختناق…
لم يترك لي المرحوم شيئا يذكر..وتقاعد أبي ضئيل جدا ولا يكفي لتغطية كل المصاريف.
أردت أن أخرج للعمل حتى أساعد في المصروف , طبعا كان الرفض جملة وتفصيلا و من طرف الجميع..
أشارت علي الوالدة بتعلم الخياطة…بعد أخذ ورد وشد ومد ،سجلت في التكوين المهني فرع خياطة…
طبعا يوميا يوصلني أحد إخوتي…وفي أغلب الأحيان أبي هو الذي يتكلف بهذه المهمة..
أبي ذلك الرجل الحنون ،الصارم الذي أهابه كثيرا وأحترمه جدا….
في يوم من الأيام ..وأنا أمشي معه في الطريق جمعت كل شجاعتي وجرئتي لأسأله:
_ لماذا تعاملونني هكذا…أنا لست صغيرة ،يا أبي؟!
حينها تبسم أبي وأكد لي:
_أعرف جيدا أنك فتاة صالحة ..لكن المجتمع لا يرحم يابنتي.. لايرحم المرأة بصفة عامة،والمطلقة والأرملة بصفة خاصة..
فتاة صغيرة وجميلة وأرملة مثلك،سيعتقد البعض أنك لقمة سائغة..
أريدك أن تدخلي معترك الحياة،وتعملي ولكن حافظي على رأس مالك الذي لا عوض.عنه…سمعتك!!
أردت أن أحميك في هذه السنوات الأولى من القيل والقال..إلى أن تنضجي أكثر ويكبر أولادك أكثر.
مرت السنوات وفتحت ورشة خياطة،ورزقني الله برجل طيب يحافظ علي وعلى أولادي..
في مجتمعاتنا العربية،تعتبر المرأة هي لب الأسرة،وهي المحافظ السامي لشرف العائلة..
مهما يخطئ الفتى سيغفر له الجميع…
لكن زلة الفتاة سترسم على وجه أبيها..وجبين أخيها..ومحيا إبنها..
هكذا تربينا وهكذا كان زماننا ..
لن أنسى أبدا عندما أصطحبني أبي للجامعة في اليوم الأول, تلك الجملة التي أثرت في تصرفاتي طول العمر:
لا تنسي يا ابنتي أبدا…..أنك إمرأة!!
مديحة خلف #وقائع-الشارع-العربي