حقيقة الغرب الغجرية

في وسط زقاق أوروبي قديم متهالك، تقف فتاة صغيرة حافية القدمين بثوبها البسيط، تحمل الدف بين يديها وكأنها رمز للحياة التي تبحث عن صوت وسط صمت الفقر والقهر. عيناها، المحملة بالعتاب والشوق، تتحدثان أكثر من أي كلمات، تحمل في طياتها براءة ممزوجة بحزن عميق. حولها، مجموعة من الشخصيات المتناقضة، رجال يتسمون بالكبرياء واللامبالاة، وآخرون غارقون في عوالمهم الخاصة من العبث والبطالة. حتى الكلب الصغير على الجانب يبدو وكأنه جزء من هذا المشهد المتناغم في قسوته.
الفتاة، على الأرجح، ليست مجرد شخصية عابرة، بل تمثل طبقة اجتماعية بأكملها في زمن كانت فيه الفجوة بين الأغنياء والفقراء واضحة بحدة. إنها صورة تعكس حياة الغجر أو الفقراء الذين جابوا الشوارع لكسب لقمة العيش من خلال الموسيقى أو عروض بسيطة، في وقت كانت فيه المدن الإيطالية تعيش صراعاً بين الحداثة والبقاء على الهامش.
هذه اللوحة بعنوان ” عازفة الدف المتجولة” رسمها الفنان الإيطالي بارتولوميو جوليانو (1825-1909)، تحمل في طياتها جمال الواقعية التي كانت تطغى على المدرسة الفنية في القرن التاسع عشر.