وقائع

الأستاذ صالح

#قصة_حقيقية

الأستاذ صالح  اعتقد أن حلمه  قد تحقق …عندما حصل على عقد عمل في الخليج …

سافر الأستاذ صالح إلى الكويت من 38سنة وعمل مدرسا هناك في وزارة التربية كان وقتها شابا صغيرا.

ربنا أكرمه وتزوج وأنجب 4 أبناء أحمد ,وأمجد ,وعبد الرحمن ,وشيماء.

أخد زوجته وأولاده وعاشوا معه في الكويت في منطقة هناك اسمها أبو حليفة , وكانوا في قمة السعادة , وسعادته كانت أكبر لأنه استطاع أن يسعد أولاده وهم يكبرون ويلبي لهم كل طلباتهم .
عندما كبر إبنه أحمد قرر الأستاذ صالح أن تعود زوجته لمصر لكي يكمل دراسته بالكلية , وهو يزورهم في العطل .

وفعلا الزوجة والأولاد عادوا لمصر وأحمد دخل كلية هندسة جامعة القاهرة ,وأمجد وعبد الرحمن وشيماء دخلوا مدارس في مصر .

مرت خمس سنوات وكان الأستاذ صالح بيشتغل ليلا ونهارا في المدرسة ,والدروس لكي يبعت مصاريف أولاده وزوجته لدرجة أنه كان لا يزورهم في مصر ليوفر لهم كل المصاريف..
مع مرور الوقت بدأ الاستاذ صالح يتعب وتنتابه دوخة في وقت العمل , كان أصدقاؤه يقولون له أن يتوقف عن العمل وينتبه لصحته ويعود لبلده نهائيا لأن صحته تزداد سوءا على الأقل يكون بين أولاده .

كان دائما يقول لهم : **حياتي مش خسارة في ولادى**

اشترى لأولاده بيت فى مصر وأصبح لكل من أولاده بيت جاهز حتى ابنته الصغيرة  اشترى لها شقة وجهاز عرسها .
وابنه أحمد أرسل  له مبلغ المهر .
وبالرغم من تعبه, خاصة أنه قارب على الستين لكنه كان سعيد أنه أمن مستقبل أولاده, وكان يضحي حتى بصحته وهو راضى حبا في أولاده.

في يوم تعب جدا , وأصبح يغمى عليه عدة مرات فقرر أنه يعود  نهائيا لمصر , وكم كان سعيدا جدا لأنه سيستقر أخيرا مع اسرته الصغيرة زوجته وأولاده ..ابنه  أحمد أصبح مهندسا , وأخوه أمجد دخل كلية التجارة,وعبد الرحمن في ثانوية عامة وشيماء  في أولى ثانوى.

اتصل بهم وأخبرهم بميعاد وصوله لكن المفاجأة أنه لم يجد أحدا في استقباله في المطار .

قال مع نفسه أكيد حصلت  لهم ظروف , أو أحدهم متعب لذلك لم يستقبلوه في المطار.
وصل للبيت بالتاكسي ,  ووجدهم كلهم محتمعين , فسلموا عليه سلاما باردا جدااا .
وقالت له  زوجته: **إنت جيت !!  مش كنت تخليك سنة كمان لحد مانجيب مصاريف جواز أحمد.**

الأستاذ صالح ابتسم , وعينه لمعت بالدموع وقال لها :
**انا كنت ناوى أقعد بس تعبت غصب عني, والله معدتش قادر اشتغل وبقيت بقع من طولى وأنا واقف**

زوجته قالت له : على العموم حمد الله ع سلامتك أنا حقوم اعمل الأكل..

وأولاده كل واحد فيهم دخل غرفته, وتركوه وحده كالغريب الغير مرغوب فيه ..وقضى حوالي شهر معهم ولا أحد مهتم لوجوده .
و كل يتصرف على هواه , وفي ليلة كان جالسا يتحسر على حاله وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحا, وابنه أمجد لم يأت بعد ..!!! عاد ابنه  على  الساعة الثالثة صباحا وكان ابوه ينتظره.

الأستاذ صالح رأى ابنه يدخل البيت وهو سكران ..ومر من أمام أبيه ولم يسلم عليه .
قال له أبوه : **يابنى انت مش شايفنى قاعد وبعدين ايه الى مرجعك متأخر كدة وشكلك عامل كدة ليه ؟!!**

أجابه إبنه : إنت مالك !!! أرجع براحتي ف الوقت الى يعجبنى انت رجعت من السفر عشان تقرفنا ولا ايه…..!!؟

أستاذ صالح قام وضربه بالألم وقال له : **إنت ازاى تكلمنى كدة؟!!**

زوجته خرجت بسرعة من الغرفة قالت: **إنت ازاى تمد إيدك على الولد مش كفاية راجع ايد ورا وإيد قدام جاى تعمل راجل البيت دلوقت؟؟**

أحمد كذلك خرج من غرفته وقال لأبيه:** ملكش حق إنك تضرب حد من اخواتى احنا منعرفكش اصلا , أمى إلى تعبت ف تربيتنا يتقعد معانا باحترامك يتغور في داهية وتريحنا**

الأستاذ صالح من الصدمة سكت وبعدين قال له : **ماشى يابنى**

تانى يوم الأستاذ صالح اتصل بصديق له في الكويت اسمه الأستاذ جمال قال له :**ابوس ايدك اعمل اى حاجة وخلينى ارجع الكويت تانى وانفجر بالبكاء**

قال له : ماذا حصل ؟

فحكى له الأستاذ صالح كل ما جرى له .

قال له: ** بس هترجع تعمل ايه وهتعيش ازاى انت كبرت ياصالح ومتنساش انك مشيت نهائى من شغلك**!!!

قال له: **ارجع اعمل اى حاجة بس خلينى أمشى من هنا**

أستاذ جمال  عمل ما بوسعه ورتب سفر للأستاذ صالح, وفعلا حجز له تذكرة السفر , لأن الأستاذ صالح مكنش معاه فلوس لأن كل فلوسه كان بيبعتها بإسم زوجته.

خرج من البيت يوم السفر دون أن يخبر أحدا من أسرته لأن كل كلامهم معه كانت إهانات  وقلة إحترام.

وصل أستاذ صالح الكويت , والأستاذ جمال استأجر له غرفة , وتكفل به وبطلباته الخاصة لأنه كبر في السن, وبدأ المرض ينهش في جسمه من الحزن والقهر.

بدأ حال استأذ صالح يسوء يوما بعد يوم لهذا قرر الأستاذ جمال أن يأخذ له صوره ويرسلها لزوجته وأولاده,لعل قلبهم  يحن عليه, لكن للأسف دون جدوى ..

بعدها بأيام  ذهب الأستاذ جمال ليطئمن عليه كعادته فوجده قد فارق الحياة ..
لم نشأ أن نطيل عليكم بذكرالأحداث الكثيرة  المؤلمة  التي عاشها  الأستاذ صلاح ..تظهر إلى أي مدى ممكن الإنسان يهان ويذل من فلذات كبده..بعدما ضحى بحياته من أجلهم ..

لهذا ندعو له بالرحمة والمغفرة لا سيما أن أولاده لم يفكروا فيه حتى بعد وفاته ,أن يدفن في بلده فكيف بهم يدعون له بالرحمة ؟

عاش مظلوما ومات منسيا.. رحمك الله  يا عم صالح.وغفر لك وجعل مأواك الجنة ..

#وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى