الزهايمر وزوجتي

بعدما أصيب بالزهايمر، لم يعد يتذكر أى شئ، يأتي أولاده وأحفاده، يتحدثون إليه بالساعات، فى محاولة يائسة أخري تضاف لسابقتها.
لا جديد يحدث، لم يستطع حتى تذكر أسمائهم.

بينما هم جلوس، يفتح باب الغرفة، تطل منه زوجته، التي بمجرد أن وقعت عينه عليها، بدت لمعة غريبة بهما، وكأنهما تضيئا من تلقاء نفسيهما.
أرتسمت على شفتيه أبتسامة لم يراها الجالسين حوله منذ بدء الزيارة، بادلته إياها، وهى تقترب منه، حاملة بعض الأغراض، سرعان ما وضعتهم على طاولة خشبية بجوار فراشه الذي جلست عليه، وهى تخاطبه بحنان قائلة:
– كيف حالك ؟
رد عليها وابتسامته تتسع أكثر لتملأ وجهه قائلا:
– بخير .
مدت يدها تخرج الطعام الذي وضعته على المنضدة قبل قليل وهي تخاطبه قائلة:
– لقد أعددت لك الطعام الذي تفضله
– وكيف عرفت أي طعام أفضل؟

أشارت برأسها لأبنها الأكبر، الذى نهض وخاطب المجتمعين بأن يتوجهوا للخارج.
ما أن أنصرف الجميع وأغلقوا الباب خلفهم، حتى أقتربت منه أكثر وهى تمسك بيديه لتقبلهما.
خاطبها قائلا:
– أشعر بأنني أعرفك ولكنني أجد صعوبة فى تذكر إسمك
– كلي ثقة بأنك ستتذكر كل شئ وستعود أفضل من السابق

أثناء تناولهما الطعام، أخذت تتحدث معه عن ذكرياتهما وهما يطالعان الصور التي تجمعهما سويا فى هاتفها، أثناء حديثها إليه نطق بإسمها فجأة، لم تصدق أذنيها، لقد تذكرها، أنسابت دموعها بغزارة وهى تحتضنه بشدة، وخاطبته قائلة:
– لم يساورني الشك لحظة واحدة فى أنك سوف تتذكر كل شئ.

داعبت تلك الذكرى البعيدة خيالها، بينما كانت مستلقية على فراشها بداخل حجرتها، بسبب الكسر الذي أصاب قدميها منذ عدة أيام ومنعها من الحركة والتى قد تستمر لأكثر من ثلاثة أشهر كما أخبرها الطبيب.

رأته يقترب منها حاملا الطعام الذى قام بإعداده لها، داعبها قائلا:
–  أعلم إنه ليس بجودة ما تعدينه ياعزيزتي..
-أجابت: على العكس إنه أفضل بكثير.

وضع الطعام بجوارها وجلسا يتناولاه سويا، خاطبته قائلة:
– ألن تعود لعملك..؟ يكفي جلوسك بجواري لعشرة أيام.. لقد تحسنت كثيرا.. كما أن الأولاد يأتون يوميا لزيارتي لا داعي للقلق.

وضع يده على شفتيها ليمنعها من مواصلة حديثها وهو يرد قائلا:
– لقد أخبرتك من قبل بأنني لن أتركك حتى تعودي أفضل من السابق.

قال جملته وهو يتذكر مساندتها له عندما أصابه الزهايمر، وأنها كانت السبب في تعافيه، بعدما أكد جميع الأطباء أن حالته لا علاج لها، أنسابت من عينيه دمعة حارة وهو يحتضنها بقوة.

#محمدنمر   #وقائع_الشارع_العربي