الأسطى إسلام

كُنت في أول لقاء مع أهل خطيبتي ,وكُنت لابس أشيك بدلة عندي ،وفي إيدي بوكية ورد وبضرب الجرس وخايف
كإني داخل علي إمتحان ثانوية عامة ،لحد ما الباب اتفتح ..
– اتفضل يابني .
= يزيد فضلك يا عمي.
“دخلت قعدت وعمال أهز رجلي من التوتر”
– إشمعنا جاي لوحدك
هو الحاج تعبان ولا ايه ..؟
لا الحاج والحاجة متوفيين ..
– ربنا يرحمهم يارب ،
وانت ماعندكش إخوات ..؟
عندي إسلام أكبر مني ..
– شكله مش راضي عن الخطوبة ،علشان كدا مَجاش ..
= لا لا والله ،حصل له ظروف بس
والمرة الجاية هنجيلك سوا ..
– ماشي يا سيدي ،
ندخل في الموضوع ..؟
= اه ياريت ..
– قلت لي في المكالمة إن اسمك احمد صح ..؟
= بالضبط ياعمي ..
– وشغال إيه يا احمد ..؟
= أنا مُعيد في كلية هندسة ،وميكانيكي ..
– درست هندسة ميكانيكا يعني ..؟
= لا ميكانيكي في ورشة عربيات ..!!
– مُعيد في الجامعة وميكانيكي ..؟؟
طيب إزاي دي ..؟
= ليا ورشة انا وإسلام ورثناها من أبويا الله يرحمه ،وشغالين فيها سوا من وانا لسه عندي ٧ سنين ،
فـ معايا الصنعة يعني ولسه مَسبتهاش ..
“ملامح وجهه إتغيرت”
– وقال :-
لا تخجل لو طالب من طُلابك جه يصلح العربية عندك .؟
= لا
– شقتك جاهزة علي كدا ..؟
= اه الحمد لله البيت بتاعنا شقتين ،
والعروسة تختار منهم ما تعجبها ..
– اكيد الشقة قديمة , مش انت وارثها من الحاج الله يرحمه ..؟
= لا والدي ووالدتي ماتوا في حادثة, ووقتها كنا مأجرين شقة ،
والشقتين دول جبناهم قُريب مِن تعبنا ..
– ده انت أسطي شاطر من زمان بقي ..
= اه . من وانا عندي ٧ سنين ..
– بسم الله ما شاء الله ،واخوك كان كبير وقتها صح …؟!
= لا كان عنده ١٣ سنة بس ..
– انت بتتكلم بجد ..؟
= والله بجد ..!!
– طب احكيلي كدا يابني ..!! قدرتوا تعملوا كدا ازاي ..؟
= بعد ما أبونا وأمنا ماتوا بـ اسبوع إسلام أخدني في حضنه ،
وقال لي :
مَحدش هينفعنا ولا هيقف حمبنا غير ربنا ،ولو فضلنا كدا مش هنلاقي ناكل,وهنعيش علي الصدقة ،
هنفضل قاعدين كدة مِستنيين الناس تجيبلنا أكل . ,ولا ننزل نشتغل زي الرجالة ..؟؟
ونصرف علي نفسنا من الصنعة الي علمها لنا أبونا ..؟
ساعتها قررنا نفتح الورشة تاني ،
في الأول
الناس كانت بتجيلنا علشان عيال صغيرة ., ومالهمش حد ., ويعطفوا علينا ،
بس شُغل الأسطي إسلام كان الله ينور ،,من ييجي مرة بيرجع اتنين وتلاتة واربعة .
ده غير معارفهم واصدقائهم ..الورشة بدأت تكبر وزباينها تكتر ،وجبنا ناس يشتغلوا معانا
والأسطي إسلام اول ما جمع مبلغ كويس, أخدني من ايدي ورُحنا اشترينا حتة أرض ،
ومع الوقت والشغل ربنا كرمنا لحد ما بنينا شقتين كُبار, وكتب واحدة بـ اسمه ~ والتانية بـ اسمي ..
كُنت بشتغل وانا في الدراسة ،لكن اخويا مَرضيش يكمّل تعليم ، قال لي كمّل انت بس ومَتشغلش دماغك بي ،
ويقولي هنسيب الورشة لمين دي رزقنا الوحيد من ربنا ،ومن غيرها بيتنا هيتخرب ..بس الأهم انك تشرفني وترفع رأسي ..!!
بعد كدا دخلت ثانوية عامة ..ومَكنش بيخليني انزل معاه الشغل ،ويقول لي:
شوف دراستك دلوقتي أهم ،وجابلي احسن مُدرسين في البلد ،ويفضل شغال طول النهار
وييجي من الشغل يعملي أكل ويغسل هدومي ،ويتطمن إني ذاكرت كويس ..
لحد ما ربنا كرمني ومَكسفش اخويا وتعبه معايا,وجبت ٩٧٪ في ثانوية عامة
ودخلت كلية هندسة ..ساعتها كان اخويا ماشي في الشارع يقول اخويا بقي مهندس ،ربنا مَكسفنيش
وتعبي مارحش بلاش .ومن فرحته لاقيته واخدني من إيدي ورايحين مسددين ديون ٥ غارمين وغارمات .
ومخرجينهم من السجن ،علشان ربنا يديمها علينا نعمة, ونفُك ضيقة غيرنا زي ماربنا فكها علينا ..
دخلت الكلية بقي ورجعت تاني الورشة ،بس قبل الامتحانات بشهر ونص,كان يطردني علشان اذاكر ..
كُنت باكل الكُتب علشان اشوف نظرة رضا في عينه ،وافضل مشرفه قدام الناس
وبفضل الله طلعت الأول علي دفعتي ٥ سنين وعيِّنُوني مُعيد في الجامعة ،
ومن يومها ماليش غير الكلية والورشة وإسلام ..وانا مش مكسوف من اصلي انا واخويا علي فكرة ،
وجزمته هتفضل فوق راسي لحد ما اموت ،وعمري ما هنسي فضله عليا
وإن لولا وجوده كنت هفضل عايش علي الصدقة ..ودلوقتي انا جاي اهو وقاعد قدام حضرتك
وبقولك إني ميكانيكي زي اخويا وابويا , قبل ما أكون دكتور في الجامعة ..
– أنت أخوك عمل كل دا ..؟
= وأكتر بكتير كمان ..
– طب أعذرني يابني ،بس الأصول بتقول إن اللي مالوش كبير يشتريله كبير ،
وانا هتكلم مع الكبير بتاعك ،انا مشتاق إني اشوفه واقعد معاه ،فـهستناك تيجي انت وهو
الخميس الجاي بعد المغرب بإذن الله ..
= اتفقنا يا عمي ..
“سيبته ومشيت ،
وانا راجع علي البيت جبت أشيك طقم عيني جت عليه علشان أديه لـ إسلام”
“جه يوم الخميس وواقفين قدام باب بيت العروسة”
= شكلي حلو يا إسلام ..؟
– قمر اوي ..
= أُمال انا ليه متوتر كدا ..؟
– عِشت وشوفتك عريس متوتر يا باشمهندس ..!!
= لولا وجودك ماكنتش هكون كدا ..
– يعني مش مكسوف مني يا واد ؟
= انا اتباهي بجزمتك قدام الخلق كُلها ..
“ورحت بايس إيد إسلام ورانن الجرس ،
والد العروسة فتح الباب وبصلنا بـ إستغراب ودخلنا”
– منورين يابني والله ..
= بنورك يا عمي ..
– امال الأسطي إسلام ماجاش معاك ليه زي ما اتفقنا ..؟
“بصيت لإسلام وضحكنا”
وبعد كدا إسلام بصله وقال :
= ازيك يا عمي انا الأسطي إسلام ..
“من الصدمة الراجل وقف مكانه”
– الأس… الأسط…
“والكلام مش قادر يخرج من لسانه”
– الأسطي إسلام اللي عاش عمره كُله لأخوه سند ،
بنت أصلًا مش ولد …..!!!! <<<<<<
“راحت ضاحكة”
= لا مش علشان لابسة فستان أزرق هكون حد تاني ،والله اروح ألبس هدوم الورشة واجيب العِدة واجيلك ..
راح باصصلي بِـ عتاب وقايل :
– انت ليه مَعرفتنيش إنها بنت يا احمد ..؟
ردت عليه وقالت له
= انا اللي قولتله يا عمي , أنه لو جت سيرتي يعمل كدا علشان لو في حالة الرفض ،اهو يكون إترفض وخلاص
من غير ما يحكي تفاصيل زي دي ..
– يعني القمر اللي قدامي دا , وعينيه زرقا , ورِقة وأنوثة الدنيا كلها فيها فتحت ورشة وهي عندها ١٣ سنة …؟
= علشان نجيب مصاريفنا ونِفسِنا مَتِتكسِرش ،ولا نِصعَب علي حد ..
– وضحيتي بعُمرك اللي فات كُله علشان اخوك ..؟؟
= واضحي بالباقي مِنُه كمان ..!! إحنا كدا يا عمي ،
ربنا خلقنا كدا ،برغم الحنية اللي فينا لو اتحطينا في موقف صعب لازم نكون رجالة
وكمان قد المسؤولية ،ودا اللي عملته مع كل الناس وأولهم اخويا ،هكون راجل معاه قدام الناس ،
بس بيني وبينه اخته ~ وامه ~ وحبيبته ..فـماكنش ينفع اتعامِل بشخصية بنت في وسط الظروف دي كلها
كُنت هكون لُقمة سهلة ، ومِن يومها وانا الأسطي إسلام إلي كله عارف إنها بنت بس بـ ١٠٠ راجل ..
مش البنوتة اللي واقفة قدامك بفستان وحاطة مكياچ وجاية تطلب إيد بنتك لاخوها ..
الباش مهندس ..!!
“ساعتها عينه كلها بقت مليانة دموع”
وقال من كل قلبه ..
– انا موافق يابنتي ،والله العظيم موافق ..وبعطي اخوك أغلي حاجة في حياتي وكُلي شرف إنكم هتكونوا جُزء من عيلتنا ..
وإسلام بَصالي بعيونها الزرقه اللي كل مرة تخطف قلبي , وبتقولي وهي بتضحك مبروك يا بش مهندس ..
= تعرفي إنك بالفستان أجمل بنت في الدنيا ..؟
– حد يقول لـ الأسطي بتاعه كدا ..!!!
= أسطي ايه بقي انا شايف ملكة جمال واقفة قدامي ..
– خصم اسبوع من مُرتبك علشان بتعاكسني ..
= بحبك يا ماما.
– كدا طيب . خصم خمسة أيام ..
= ومَليش غيرِك يا قلبي ..
– نخليهم يومين طيب ..؟
= ويا كل أهلي وناسي ..
– لا انت تيجي في حضني بقي ..
“ورحت داخل جوا الحضن اللي مَبرتحش غير في وجوده , وضاممها جامد علي ومِن كمية الراحة اللي حسيتها
غمضت عيني وغرقت جوا كمية الحنان اللي فيها “.
والرجوله لا تفرق بين ذكر وأنثى ..!! الرجوله رسالة ومسؤوليه . ومواقف على أرض الواقع ..
#مختارات_الشارع_العربي