يوسف والأستاذ صابر
#قصة_واقعية
عندما كنت طالبا في الصف الثامن، كان هناك أستاذ دائما ما يضطهدني ويعاقبني بلا سبب،وينتظر مني الزلة لكي يعاقبني، لكم أن تتخيلوا أنني بسببه ارسلت للمدير ما يقارب ٦ مرات في شهرين فقط، ودائما ما كنت اسمع كلماته والتي أقل ما يقال عنها أنها قاسية.
في آخر مرة وفي جلسة الإذلال المعتادة، قررت أن لا اسكت أكثر من ذلك، أفرغت جل غضبي فيه، رميته بكلام لم يسمعه في حياته كلها، لقد إنفجرت في وجهه إنفجارا، كنت أمسح دموعي وأنا ابكي لأستطيع أن أتحدث بوضوحٍ أمامه، ولأقول له أنني لست عبدا عنده ليعاملني بتلك الطريقة، وأنني لم أدعه بعد اليوم يمسني بيده القذرة تلك.
طبعا كباقي الأساتذة الخبيثين إستخدم كل عبارة سيئة قلتها في حقه، ضدي، وعوقبت أمام المدرسة كلها في الطابور الصباحي. ولم أخبر اهلي بما يحدث لأنهم كانوا يحملون هموما فوق طاقتهم….
اليوم في الصباح وأنا ذاهب مع اختي لاوصلها للمدرسة، وفي طريق العودة وانا أضع سماعات الأذن، مررت بالسوق الشعبي(السوق القديم التراثي)، فأنا لم إدخله منذ فترة طويلة، المهم وأنا اتجول هنا وهناك وانظر لهذا وأتذوق من ذاك، لمحت رجلا يجلس على الجانب الأيسر في نهاية الطريق لا أحد يشتري منه، لديه بضاعة متواضعة للغاية، وليس لديه كرسي حتى، كان جالس على الأرض، ملابسه متسخة ومهترئة، يبدوا عليه الكبر التجاعيد نحتت وجهه.أكملت سيري لأنني تأخرت عن المنزل، وفجأة سمعت الرجل يناديني، وجري الحوار التالي….
الرجل: يا شاب! !! تفضل واشتري مني يا ولدي، لدى أشياء جميلة للصبيان امثالك هيا تفضل.
أنا: اااه هل كنت تتكلم معي، إعذريني لم اسمعك بوضوح(دنوت من بضاعته وأخذت اتفحصها)بكم تبيع لي هذه؟ .
الرجل: لا مشكلة في السعر، سأبيعها لك بالرخيص إنشاء الله،انت فقط إختار ما يعجبك وانا سأبيعها لك ما يرضيك، لكن أخبرني ما إسمك؟ ومن أين أنت؟ وهل أنت طالب في المدرسة؟ .
أنا: انا إسمي يوسف، من العاصمة، نعم أنا في المدرسة الثانوية لكنني شارفت على الإنتهاء.
الرجل: ما شاء الله ما شاء الله!!! لا يبدوا عليك يا ابني،تغلب على ملامحك الشقاوة ههههه.
أنا : نعم ههههه اسمع هذا كثيرا.
حينما إنتهيت من كلامي هذا، ورفعت راسي لأنظر إليه، وحينما وقعت عيناه في عيني،أصبت بصداع رهيب كأنما هناك شيء يسحبني للوراء،كأن هناك شيء يقول لي قم من عندك يا يوسف!!! قم قبل فوات الأوان، شعور لم أفهمه نهائيا، أصبحت الدموع تتجمع في عيني بلا سبب!! ماذا هل انا ابكي الآن!!!. حينها عرفت ان هذا التاجر هو الاستاذ الذي كان يعاقبني في المدرسة.
أنا: أستاذ صابر!!! هل هذا أنت!!!!
الرجل: كيف عرفت إسمي يا ولد!! أنا….انا لست استاذاً.. أنا تاجر فقط… هيا قم من هنا…..لا أريدك أن تشتري شيئا…. قم من عندك يا ولد!!!.
أنا: استاذ صابر أنا يوسف الذي كنت تضربه في الفصل، أنا يوسف الذي كنت دائما ما ترسله لمكتب المدير!!.
إتسعت حدقتا الرجل، وفمه أصبح يتحرك بعبارات غير مفهومة، شهق شهقة غريبة واغمى علي الرجل فورا. ناديت الناس ليساعدوني، حاولنا أن نجعله يفيق لكن بلا فائدة. احد الرجال الذين في السوق أحضر سيارته وأسرعنا به إلي المستشفي أدخلناه لغرفة الطوارئ. وبعد عدة ساعات، إستقرت حالته، ونقلوه لإحدى الغرف.أفاق الاستاذ، أخذت هاتفه واتصلت بأهله، حكيت لهم ما حدث. جائوا إلى المستشفى أخذوا والدهم.حينها مباشرة أخذت اغراضي وهممت بالخروج، وضعت سماعاتي كالعادة. أصبحت أمشي وأنا اسمعه يتحدث قائلا(هيا يا بنتي زينب!!!نادي ذلك الولد الذي كان معي قبل قليل!!…ناده بسرعة قبل أن يذهب بعيدا… ناده ارجوكِ ناده الآن!…) .هنا بدون أن أشعر أصبحت اركض لكي اخرج من المستشفى قبل أن يراني، وانا اسمع إبنته تناديني(يا ولد تعال… يا ولد…) وهي تركض خلفي، أجرى والدموع تتطاير من عيني، وهي تركض ورائي، والناس ينظرون إلينا ويقولون (ما بالهم، لما الفتاة تركض وراء الولد هكذا….لما هو يبكي اصلا…).
بعد فترة من الركض إستطعت أن اختفي من ناظريها.
ركبت الحافلة عدت إلى المنزل،وسط صراخ أمي التي تقول لي لماذا تأخرت هكذا….
بإختصار اليوم رأيت الذي كان يؤذيني قبل ٦ سنين. تمنيت لو إستطعت ان إبرحهه ضربا، تمنيت لو قفزت على صدره لأمزقه إربا إربا. لكن لم أستطع. ربما لأنه رغم كل شيء كان قد علمني حرفا يوما…..
لن اتفلسف، اوأكتب حكمة فالقصة حكمة في حد ذاتها.
يوسف #وقائع_الشارع_العربي