الصدقة
الإمام الغزالي رحمه الله يروي قصة عن أبيه فيقول :
وأنا طالب في الأزهر جالي جواب من البلد “إحضر حالاً” عرفت إن في مصيبة، وركبت القطر وبالي مشغول وقلبي بيدق بسرعة البرق..
أول لما وصلت البلد لقيت دكان أبويا مقفول!.. أفكاري إسودت وجريت ناحية البيت وجسمي بيترعش وكأني فاقد الوعي!..
سمعت صوت أبويا من وانا قدام البيت بيصرخ!.. دخلت لقيته نايم علي سريره ماسك جنبه وبيتوجع، وإخواتي حواليه بيعيطوا ومحدش عارف يعمله حاجة!.. عنده مغص كلوي رهيب.. الدكاترة إدوله أدويه ومسكنات ومفيش فايده!.. أبويا اللي صالب طوله ديمًا.. مبقاش قادر يقاوم!..
فضلنا علي حالنا يوم والتاني، والدكاتره قالوا مفيش حل غير عملية جراحية علشان نطلع الحصوات اللي مسببه الألم في الكلي.. فتحت الدكان ووقفت أشتغل، والتفكير مسيطر عليا فلوس الدكاتره كتير، وخايف لو عملنا العمليه متنجحش لأن عمي قبل كده مات بسبب عملية شبهها، هنعمل إيه؟..
روحت البيت وأنا مشتت والهم والغم حاصروني من كل إتجاه لما شوفت أبويا وحالته يوم بعد يوم بتسوء!.. كل حاجه حواليا حسيت إنها مش نفعانا.. وبدأت اركز علي شيء واحد بس، “الله” ربنا مفيش غيره.. رجعت الدكان وجالي واحد ياخد شوية طلبات، ولما إدتهاله قالي بصوت هادي: ممعايش فلوس دلوقت، وأقسملي بالله إنه صادق، وإنه هيسد الفلوس تاني يوم.. حسيت بشيء جوايا إنه محرج ومبيكذبش.. قولتله خد البضاعه هدية مني ليك.. بصلي وهو مصدوم ومش مصدق، ومشي.. أما أنا فقعدت في ركن في الدكان وقولت يارب نبيّك قال: “داووا مرضاكم بالصدقة”!.. فأسألك أن تشفي أبي بهذه الصدقة.. وقعدت علي الأرض وفضلت أبكي، وبعد ساعة سمعت حد بيناديني من البيت، وكان البيت قريب فجريت بسرعة وماليني الخوف، وفوجئت بأبويا بيفتحلي الباب!.. وبيقولي: الحصوه دي نزلت مني، وكانت أكبر شوية من حباية الفول.. بيقولي معرفش ازاي ده حصل!.. أنا مبقتش حاسس بأي وجع.. أنا خفيت يا إبنى !!
أما أنا تاني يوم كنت في الكلية بحضر الدروس مع زمايلي!.
-سميت #الصدقة صدقة.. لأن مصدرها الصدق , تثبت صدقنا مع الله ..وكلما كنا صادقين مع الله نجانا من شر أنفسنا ومن أذى سيصيبنا , كل هذا عندما نثبت صدق إيماننا بالله ..فتكون عطاياه لنا كثيرة , لا تعد ولا تحصى ويكون كرمه علينا أكبر .
الصدقة تدفع البلاء.. فلنتصدق بما قل ولو بكلمة طيبة .
حامد عوض #وقائع_الشارع_العربي