عام

والدي

عندما كنت طفلة صغيرة، أتذكر أن والدي كان يطلب مني في كل مرة أن أمسك بالمطرقة عندما كان يصلح شيئًا ما، حتى يكون لدينا وقت للحديث مع بعضنا البعض. لم أر والدي قط يشرب أو يقضي “ليلة خارج المنزل مع الأولاد”، كل ما كان يفعله بعد العمل هو رعاية أسرته.
 
كبرت وتركت المنزل للالتحاق بالجامعة ومنذ ذلك الحين كان والدي يتصل بي كل صباح أحد، مهما كانت الظروف. وبعد عدة سنوات اشتريت منزلًا، فقام والدي بطلائه بنفسه. كل ما طلبه مني هو أن أمسك فرشاة الرسم وأتحدث إليه. ولكنني كنت مشغولة للغاية في تلك الأيام، ولم أجد أي وقت للحديث مع والدي.
 
قبل أربع سنوات، زارني والدي، وطلب مني أن أحضر له كوبًا من الشاي وأتحدث معه، لكن لم يكن لدي وقت لإجراء أي محادثات طويلة في ذلك اليوم.
 
في صباح أحد أيام الأحد كنا نتحدث هاتفيًا كالمعتاد، ولاحظت أن والدي نسي بعض الأمور التي ناقشناها مؤخرًا. وبعد ساعات قليلة من ذلك اليوم جاءت مكالمة. كان والدي في المستشفى بسبب تمدد الأوعية الدموية. على الفور اشتريت تذكرة طيران وانطلقت في طريقي. كنت أفكر في كل المناسبات التي فاتتني للتحدث مع والدي.
 
عندما وصلت إلى المستشفى، كان والدي قد توفي. وأدركت مدى قلة معرفتي بوالدي وأفكاره وأحلامه.
 
بعد وفاته، تعلمت الكثير عنه، بل وحتى عن نفسي. كل ما طلبه مني هو بعضًا من وقتي. والآن أصبح يحظى بكل اهتمامي كل يوم.
جورجبا ووردوف #وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى