وقائع

لا تلمني

تحكي هذه السيدة حكايتها من أرض الواقع…

-أعجب بي أحدهم وأنا في الجامعة ،أصبح يلاحقني من مكان إلى مكان..أ
كد لي أن غرضه شريف وأنه بمجرد ما تسمح له الظروف سيتقدم لخطبتي..

كنت سعيدة بكلامه وكلي أمل في مستقبل..جميل…

لكن بعد التخرج لم أجد عمل لا أنا ولا هو…بقيت حوالي سنتين وأنا أبحث عن عمل…

كنت أساعد أمي في طهي أنواع من الخبز..هذا هو مصدر رزقنا.منذ سنين…..

ثم وجدت إعلان عن مناصب شغل في مديرية الضرائب,ووضعت ملفي وانتظرت…

لكنني عندما أخبرته,ثار غضبه..وأكد لي أنه يرفض رفضا تاما عملي خارج البيت…

يظهر أننا أتفقنا على كل شيء، إلا على عملي خارج البيت,الذي هو بالنسبة لي حلم حياتي…
تقبلت الأمر,فهذا من حقه ولا ألومه عليه..وافترقنا..ولم أعد ألتقي به…

ولكن الذي يجهله هذا السيد..أنني عندما كنت أقول له أنني أسكن في بيت عمي..

كان مجرد تمويه للحقيقة ،لأنني كنت أسكن أنا وأمي عند الجيران..

لأن أمي لم تنجبني إلا أنا وأصيبت بالعقم..ورفض أبي هذا الواقع رفضا تاما..

وأعاد الزواج بإحداهن,رغم أن والدتي قبلت الواقع الذي فرض عليها ,وقبلت بالضرة..

إلا أن أبي المحترم رفض بقائها في البيت,ولم يكن لها لا مسكن ولا أهل..

فاضطر أحد الجيران أن يسكنها في إحدى الغرف مع توفير كل المرافق فيها, وإخراج باب على الجانب الٱخر للشارع.

لم يتقبل هذا الرجل الشهم ..تشردي وتشرد أمي…

أبي لم ينجب الذكر كما إدعى,بل رزق بأربع بنات إثنين منهن مصابات بمرض وراثي..

توفيت أمي عند الجيران،حضر أبي جنازتها وكأنها غريبة عنه.

ماتت وهي توصيني بالتمسك بالدراسة وعدم التوقف عن طلب العلم , وتحثني على العمل وتقلد أعلى المناصب ..فهي كانت أمية..خافت أن يكون مصيري مثل مصيرها.

نجحت في مسابقة مديرية الضرائب وأنا الٱن مفتشة رئيسية, ولي طموح كبير أن أتقلد أعلى المناصب.

 كانت أم زوجي هي التي ترعى أبنائي, لأنني تزوجت بأحد الزملاء الذي يعمل معي في المديرية.

لم أتخلص أبدا من عقدة أبي,لا أثق في أي رجل, أرى فيهم صورة أبي.

حتى أنني صارحت زوجي يوما ما بكل مايجول في خاطري ..استمع إلي ولم يعقب..

أول شيء سعيت إليه هو اكتساب بيت بإسمي..رغم أن الزوج يملك بيتا جميلا,وهو ابن ناس وصاحب ضمير..

لكنني لم أنسى أبدا مافعله أبي بأمي..

قبل أن تحكموا على البنات لماذا يرغبن في العمل بكل هذا الحماس..إسألوا أولا الأمهات وما مر بهن من ألم…

الأمهات هن اللواتي يحرصن على عمل..بناتهن..لما رأوه من ظلم واحتكار لحقوقهن,يخفن من المصير المماثل لبناتهن.

وهذا هو الواقع…

كثير من الناس يقولون أن عمل المرأة أفسد المجتمع…

ألم تعلموا أن فئة قليلة من الرجال أو شرذمة هي من قضت على الأمة بأكملها بتصرفاتهم المشينة.

ليس هناك إمرأة لا ترغب في أن تكون معززة مكرمة في بيتها,بل في مملكة حيائها..

الشرذمة هي التي أجبرتها على الخروج من وكرها الدافئ..

كم من فتاة تعيش مع إخوتها الذكور, يدللن زوجاتهم أمامها,ولا يفكرن فيها أبدا, فتضطر للبحث عن عمل..

كم من زوجة أولى تعاني الحرمان المادي..بينما الزوجة الجديدة تعيش في بحبوحة من العيش..

الفتنة كانت نائمة..إسألوا أولا من أيقضها..

فلا تلوموا بنات الناس..ولاتلمنني..

مها العتيبي  #وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى