قصص من الواقع

عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم

أنهيت عملى فى مدينة الإسكندرية فى تمام الثالثة صباحا وكتبت التقرير المطلوب عن العمل ثم أقلنى سائقى الخاص بالعمل الى موقف السيارات بعربة العمل خارج المدينة الساحرة لأستقل عربة –أجرة – إلى مدينتى دمنهور التى أقيم بها .

دلفت الى الموقف مع سائقى حيث عربات بلدتى ووجدنا جمعا من الناس يقفون بجوار العربة التى ستنطلق الى البلدة واندهشنا اذ وجدنا بعض الأصوات العالية والتى تشبه شجارا خفيفا.

صرفت العربة بالسائق وتوجهت الى حيث الشجار لاستطلاع الأمر

وجدت احد الركاب فى العقد الرابع يصيح بسائق العربة الميكروباس وقد انتفخت أوداجه واحمر وجهه وبرزت عيناه من شدة الغضب .

توجهت اليه قائلا له :

مالك ياحاج فيه ايه خيرا ان شاء الله…..

نظر الي الرجل فى حيرة واندهاش ليعرف من أنا ونظر بعينيه الى موضع قدميه ثم قال :

تصدق ياحاج هذا السائق بعد ان جلست فى العربة مايقرب من الساعة ,وكانت الميكروباس ينقصها واحد فقط , جاء رجل وزوجته فأراد منى ترك العربة لأننى آخر واحد ركب العربة حتى يركب الرجل مع زوجته ؟؟؟

نظرت الى السائق مستفسرا , فنظر الى وقال بصوت لايخلو من الرجاء :

والله ياباشمهندس بقى لى اكتر من ساعتين احمل العربة وماصدقت جاء الزبونين حتى اكمل الميكروباس والدنيا شتا والزباين قليلة وطلبت منه يدفع تمن الراكب الفاضى ماقبلش

ولا الركاب قبلت تدفع وعشان انتظر زبون واحد يمكن نقعد للصبح على ماييجى او مايجيش….

نظرت الى الراكب وربت على كتفه وقلت له :

سيبه يمشى ياحاج وتعالى معايا ……

نظر الى الرجل مستغربا ومستفسرا

ههههههههههههه ينفع كده يعنى يرضيك ياحاج كده ؟؟

ربت على كتفه ثانية وقلت له :

تعالى بس معايا ووحد الله وسيبه يتوكل على الله ومش هاتندم

قال لى :

ونعم بالله ….

ونظر الى السائق شذرا وقال له :

روح ياٱبا الله يسهل لك…………..روح منك لله

لم يرد السائق عليه وقفذ الى عربته فى لحظة وفى اللحظة التالية انطلق وكأن الشياطين تطارده……………….

توجهت الى مكان العربة التالية وكانت عربة صغيرة – بيجو- وسألت السائق :

تاخد كام وتطلع ياريس على طول ؟؟

قفذ السائق من سيارته لدى سماعه هذه الجملة وقال :

اللى تدفعه ياباشا والله …….عدد الركاب بس مش اكتر

قلت له:

توكل على الله

انطلق السائق بنا والرجل بجانبى يتعجب وهو يهمهم بكلمات يعبر بها عن امتنانه لى وشكره لله

على باب الموقف وجدنا خمسة ركاب وجهتهم نفس مدينتى دمنهور , أشاروا للسائق فسألنى ان كان من الممكن ان يقف لهم فقلت له نعم حتى لايتأخرون فى هذا البرد القارس من شهر يناير رحمة بهم .

امتلأت العربة بالركاب فى لحظة بين تعجب الراكب صاحب المشكلة وسائق البيجو ………….

سبحان الله

وانطلقنا فى الطريق لعدة دقائق حتى وصلنا الى مخرج الإسكندرية عند اول منطقة تفتيش مرورية بعد الموقف وهى تسمى منطقة –أبيس -.

ثم انطلقنا عدة دقائق اخرى لنجد ان الطريق قد توقف بعد مسافة عدة كيلومترات بعد ابيس.

سألنا السائق بجانبنا عن سبب توقف الطريق فقال انه بسبب حادث ميكروباس شنيع حدث منذ خمس دقائق….

هبطت انا والرجل صاحب المشكلة خارج العربة وسرنا صوب الحادث لنستطلع الأمر.

ورأينا ….. ويالهول مارأينا………..

رأينا الميكروباس هو نفسه بعينه صاحب المشكلة مع الرجل وقد انقلب عدة مرات بعد انفجار احدى اطارات العربة الأمامية وقد تناثرت الدماء فى كل مكان وتمددت الأجسام على قارعة الطريق بين الموت والحياة وقد توفى السائق وبعض الركاب معه ومنهم الراكب الأخير وزوجته ……………!!!

نظرت الى الرجل ونظر الى وهو فى قمة الذهول وصاح بصورة هيستيرية:

الله اكبر الله اكبر الله اكبر……سبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله

ونظر الى وقال :

لا اعرف كيف أرد إليك الجميل اخى ولكن يجب ان اقبل يدك

قلت له وأنا اسحب يدي بعيدا عنه :

احمد الله على سلامتك ولولا انك سمعت كلامى ومشيت معى لربما كنت من ضمن هؤلاء الموتى وخاصة ان من ركب مكانك قد مات بالفعل……

احمد الله اخى الذى نجاك وكتب لك عمرا جديدا وتذكر قول الله سبحانه وتعالى :

(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)

سعد هيكل  #وقائع_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى