عام

الرفق جوهرة

كتب أحدهم:
كنت طفلاً عندما جاءت عمتي لتعيش معنا بعد طلاقها ..

كنت أنتظر أن أرى عمتي حزينة مما وقع لها أومن ردود أفعال أمي…

لكن المفاجأة أن عمتي كانت  دائما مبتسمة….
عندما كبرت عرفت أن زوجها طلقها لعدم إنجابها ..لم تكن ناقمة حتى عليه
كانت تقول في ثقة الحق معه هو محتاج للأطفال
أمي كانت تصاب بإرتفاع الضغط لأن عمتي ليست ناقمة على زوجها الذي طلقها ..

لكن عمتي كانت تقول جملة غريبة: #الرفق_جوهرة …لم أكن أفهمها لكنني مع الوقت فهمت معناها بتصرفات عمتي .
تلك  الإنسانة الرفيقة التي  تربت على التماس الأعذار و أن الرفق بالآخرين هو أهم شيئ..
كانت تساعد أمي في تربيتنا ..تحكي  لنا القصص و تساعد في الرعاية بلا أي عصبية..

و عندما كانت أمي تجري ورائي لتضربني كانت عمتي تقول: هذا سندك حد يضرب سنده فتتراجع أمي ..

طالما أحببت عمتي رغم أنها من ناحية الشكل ليست بالجميلة و المدهش أن زوجها بقي يتواصل  معها و يريد إعادتها إلى عصمته و كان قد أنجب من زوجة أخرى لكنها اعتذرت
سمعته يقول لها أريدك أن تربي أبنائي لكنها ردت عليه الله يوفقك
أمي الغالية كانت عصبية و عمتي كانت هادئة أصاب أمي مرض احتاجت معه إلى ملازمة المستشفى ..
و عمتي قامت برعايتنا اثناء غيابها عمتي كانت تقول دائمََا هذه العبارة الرفق جوهرة
و فهمت انها تعني الهدوء لا تضرب و لا تنفعل و لا تعادي
و كانت تقول أن الإنسان أحوج مخلوق إلى الرفق
و لا أنسى عندما كادت احدى أشجار حديقتنا ان تموت فعطفت عمتي عليها و اهتمت بها حتى عادت إلى النمو
عمتي هي التي علمتني الصلاة
قلت لها أليس ربنا عظيم؟
طيب لماذا يحتاج منا الصلاة بماذا ستنفعه؟
قالت بهدوء الذي يتصل بملك الملوك هو الذي يستفيد .. فنحن نصلي من اجلنا.. نحن من نحتاجها
أخي كان عالي الصوت و كانت تقول له دوماً أحب صوتك الرائع المنخفض و كان يندهش ..ثم فجأة بدأ يخفضه
عادت أمي من المستشفى لتجدني أصلي و أخي قد كف عن ارتفاع الصوت
رأيت مرة عمتي تتأمل صورة زفافها سألتها إنتِ حزينة لإنك لم تنجب؟
قالت هي الإنجاب بيد من؟
قلت : بيد الله
قالت في يقين : الله لا يريد بي إلا خيرا أنا لست منزعجة..
بصراحة كنت أشعر في بعض الأحيان أنها مفتقدة لزوجها لكنها ليست راضية بالرجوع إليه رغم إلحاحه عليها بالعودة إليه

لا أنسى يوم عاد إلى بيتنا يومها جلس معها و مع أبي
و أعمامي لإقناعها بالعودة إليه كان نادمََا على الطلاق
قلت لها ارجعي له كانت تبكي في حجرتها طبطبت عليها ..
قالت لي زوجته الجديدة رافضة رجوعنا لا اريد تضييعه هو و أطفاله ..لكن زوجها كان مصرََا على إعادتها
سألته : لماذا ؟
قال لي لا يوجد مثلها كانت أهم من كل شيئ لكن أنا كنت غبي عندما طلقتها.. أصرت على عدم العودة.
كنت بجوارها عندما تلقت اتصالا من زوجته الثانية صارخة متوعدة أبعدي عنه و ردت عمتي برفق حاضر و أغلقت الخط
كنتُ منفجرََا : لماذا لم تصرخ ؟
قالت بالدموع : زوجة خائفة على زوجها .
تدهورت الحالة النفسية لزوج عمتي حتى اضطرت زوجته إلى الاتصال بعمتي ترجوها العودة إليه كنت مندهشا
أعلم أن عمتي تحبه و عندما عادت إليه ردت الحياة إلى نفسه لكن المدهش هو أن كراهية زوجته لعمتي بدأت في الازدياد مع تحريض أولادها ضد عمتي
لكن عمتي كانت تصبر و تحتضنهم تعلقوا بها أكثر من أمهم..ثم تعلقت بها ضرتها .. عمتي كانت توصيه خيرا بها
و كانت تقول لها أنتِ الودود الولود و أنا عاقر..
عمتي #قصة من الصبر و الإنسانية المكتملة..اليوم بعد أن توفاها الله فجأة أقف على دفنها و إلى جواري زوجها الباكي
و أبناؤه الثلاثة و أخي و أتذكر كلماتها #الرفق_جوهرة .

وها  أنا أقولها  لكم :

الرفق جوهرة  لأنه يعطي للحياة جمالية بتواضعنا.. وحسن الظن بالآخرين.. والتسامح ..والترفع عن السلبيات.

#مختارات_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى