قصص من الواقع

بركة الأم

#دكتورة تحاليل تعمل في مستشفي حكومي..فقيرة جدا وسنها جاوز الثلاثين دون زواج..

تسكن مع أمها في شقة قديمة متهالكة.. بعد أن مات والدها الذي لم يترك لهم إلا قطعة أرض عليها نزاع بينهم وبين ناس كبار جدا ليس لديهم رحمة..
في يوم وهي قاعدة في المختبر .. دخلت عليها ست عجوز ومعها فتاة شابة تحمل طفل ويظهر علي وجهها الضيق والحنق .
قالت الفتاة الشابة وهي تجذب المرأة العجوز :
خدي يادكتورة اعملي للزفتة دي تحاليل.. وإن شاء الله يطلع عندها سكر وتموت وتغور في داهية..

انفعلت الدكتورة وقالت لها :

ليه كدة حرام عليكي.. دي مهما كانت حماتك هي اللي خلّفت جوزك وربّته وكبّرته.. اعتبريها أمك..

تأففت الإبنة وقالت للدكتورة :

هي فعلا أمي مش حماتي.. بس إنت متعرفيش هي عاملة فيا إيه؟..دي ست مجنونة.. دي بترش علي الناس مية وهم ماشيين في الشارع.. اللي قدامك دي انا مستحملاها بقالي خمس سنين قاعدة معايا أنا وجوزي وآكلة شاربة وعايشة ولا هاممها حاجة.. بس هو زمان كان عامل بسيط شغال باليومية يقدر يستحملها .. لكن دلوقت هو مقاول كبير وربنا فتحها عليه مش هيقدر يستحملها وممكن يطلقني في أي لحظة بسبب عمايلها المجنونة.. والنبي يادكتورة لو تعرفي تشوفيلنا دار مسنين ترميها فيها يبقي عملتي فيا معروف ..
طبطبت الدكتورة علي الأم العجوز وقالت للإبنة :

أنا هاخدها تعيش معايا.. أنا وأمي عايشين لوحدنا .. وخدي عنواني ورقم تليفوني لما تحتاجي تطمني عليها يبقي رني علي..
فقالت العجوز المسكينة وعيونها تذرف بالدموع : يرضيكي كدة يابنتي تضربني كل يوم علشان برش علي الناس مية علشان اهون عليهم حر الصيف.. فاحتضنتها الدكتورة.. وذهبت بها إلي بيتها فاستقبلتها أمها أحسن إستقبال.. واعتبرتها انيسة لها في وحدتها وهي التي تقضي اليوم كله في وحدة تامة وانعزال عن الناس..

وبعد عدة اسابيع اتصلت أم الدكتورة عليها وقالت لها :

أنا عايزاكي تيجي النهاردة بدري.. لأنه جالك عريسين واحد دكتور شافك في المعمل والتاني مهندس كان شغال في الخليج.. ظبطي حالك واشتريلك هدمتين حلوين قبل ماتيجي..
فقالت لها الدكتورة :

والله ياأمي من ساعة مادخلت علينا الست الكبيرة دي والبيت اتملا فرحة.. مين كان يصدق ان احنا نكسب قضية الأرض اللي بقالنا عشرين سنة في محاكم وقضايا عليها.. مين كان يصدق إن أنا أترقي وأنا عندي تلاثين سنة وابقي نائبة مدير المستشفى.. وأديكي النهاردة بتقولي جايلي عريسين اختار منهم رغم سني اللي بيبقى فيه الفرصة ضعيفة جدا في الجواز..
في اليوم التالي اتصلت إبنة المرأة العجوز وهي تبكي وتقول :

والنبي يادكتورة انا عايزة أمي.. أنا هاجيآاخدها دلوقت أنا عرفت قيمتها.. من يوم مافارقتنا والمصايب نازلة ترخ علي دماغنا.. ابني اللي هو عندي بالدنيا كلها راقد في المستشفي دلوقت مابين الحياة والموت.. وجوزي اتحبس بعد ما عمارة سكنية كان بانيها وقعت علي السكان وموتت نصهم.. أنا جاية دلوقت آخدها ومش هفارقها ابداً..
جاءت الإبنة تقبل يد الأم وقدميها وهي تبكي في مشهد مهيب وترجوها أن تسامحها ..

فما كان من الأم إلا أن عاملتها بغلظة وقالت لها : إنت مين.. ابعدي عني.. ونادت للدكتورة وقالت لها : حوشيها عني يابنتي هي مين دي..
وجدت الإبنة سكينا علي المنضدة فأعطته لأمها وقالت لها : اقتليني وريحيني.. اقتليني يمكن ربنا يسامحني علي اللي أنا عملته فيك وينقذ ابني.. لأنه هو مالوش ذنب..
رمت الأم السكين في الأرض واجهشت بالبكاء وضمتها في حضنها وهي تقول :

اقتلك ازاي وأنت حته مني يا روحي  .. اقتلك ازاي وانا مقدرش اعيش من غيرك يوم واحد..
لملمت الأم أشياءها وودعت الدكتورة وأمها وسط دموعهم وقبلت الدكتورة من وجنتيها.. وشكرتها علي حسن استقبالها وقالت لها : متعيطيش انا كدة كدة جايالك كمان أسبوعين علشان احضر فرحك..

#مختارات_الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى