عذاب غربة
غربة .. أم كربة
إحساس بالفراغ ، فراغ من نوع غريب ، يمزق الروح و يؤلم النفس .
عقدين من الزمن انصرما وأنا أعيش في بلد غريب عن وطني ، لا أدري هل هو شعوري أنا فقط ، أم هو إحساس لدى جميع من هاجر أو غادر مسقط رأسه ، طلبًا لفرصة عمل أفضل ، أو بحث عن الأمان .
رغم مرور كل هذا الوقت ، مازال إحساسي بالغربة ملازمًا لكل تفاصيل حياتي .
قد أحرقت فترة شبابي هنا وكلي أمل ان اقنع نفسي ان هذا كان افضل ، تعرفت على الكثير من – المواطنين – والكثير من – الأجانب – لكن مازلت أشعر بتلك الغربة .
مواطن ، مقيم ، أجنبي ، مضحكة رغم ألمها هذه التسميات ، تشم في ثناياها رائحة العنصرية المقيتة ، ونزعت منها معاني الإنسانية .
المضحك يا صديقي أنك تحاول ان تمثل انك أصبحت جزءًا من هذا المجتمع ، خيط في نسيجه ، ولكن حينما تآوي الى فراشك ، يفضحك عقلك الباطن ، عقلك اللاواعي ، نعم فانت ترى أحلامك حيث ولدت ، حيث خطوت أول خطواتك ، حيث عشت طفولتك وصباك وكانت ذكرياتك…
إن عقلك الباطن يصر أن يذكرك أنك لست جزء من هاهنا ولست فردًا في هذا المجتمع ، إنما أنت حدث طارئ فقط ، أتيت بسبب وربما لن تغادر أبدًا ؛ أو تغادر في نعش ليوارى جسدك حيث ولدت.
أفكر أحيانا ، هل يعقل أن أموت هنا أيضًا ، هل سأدفن في تراب لم أشعر يوماً أني أنتمي إليه ، كم هو مؤلم أن نتلاشى في مكان لا نشعر أننا جزء منه.
الغربة قطعة من العذاب ، لا بل هي العذاب نفسه ، و لا أدري هل ستحسم فترة وجودي هنا من سجل حسابي بعد الموت .
#سليمان_عمر **الشارع العربي**