قصص من الواقع

رد الجميل

في عام 1968 كنت مراقب بواخر في ميناء اللاذقية .

وجئت إجازة لقريتي في حلب .وبعد يوم من وصولي
للمنزل أبلغتني الوالدة بأن زميلي  جاء يسأل عني ؛ وعندما اخبرته انني غير موجود بدأ يبكي .وهي تحكي لي اذ به يطرق الباب ؛  فرحبت به وقلت له : ما بالك.
! قال : لقد توفيت والدتي وتزوج والدي وطردني مع زوجتي وطفلين وقد مضى شهران ولا يوجد لدي ليرة واحدة وكشف عن ساعديه وإذ به الجرب الحاد.

وقد تدقدمت في  التعليم فلم أقبل لأن شهادتي الثانوية (شرعية ).وكانت لا  تقبل في تلك الأيام في التعليم . قلت له ماذا ستفعل ؟. قال: سأوقف
دراستي في الجامعة .(وهو سنة ثالثة شريعة) .وسأذهب
للخدمة الإلزامية وهنا سيجبر والدي على رعاية طفلي.
وزوجتي و  يجبر أهلها بإعالتها وأنا عسكري ولا أحد  يعتب علي .                                                       .
قلت : لا!!! ستذهب للجامعة ولايجوز إيقاف الدراسة !
قال : كيف أذهب لدمشق والجامعة تحتاج لأربعين
يوما لأنهي الفحوص . وهذا يتطلب مائتي ليرة سورية
عدى أسرتي هنا من سيصرف عليها .؟
قلت : أنا أعرف ما أ قول . وأخرجت من جيبي خمس مائة ليرة  سورية وأعطيته إياها قال :كيف سأردها لك .:قلت:إ ن رزقك الله تردها وإن لم يرزقك إني مسامحك بردها وأكثرمن ذلك عندما تعود من الجامعة زرني في اللاذقية وسأعطيك.انشاء الله مبلغا آخر .

عدت للاذقية . وبعد فترة حضر اللاذقية.وأعطيته ماوعدت وقلت له كل شهر أوشهرين احضر لعندي وسأستمر في العطاء . إلى أن يرزقك الله .

وقد .اعطيته حوالي ثلاثة آلاف ليرة خلال أكثر من سنة .
وسار الزمن ولم أطالبه وغادر سوريا عام ١٩٧٠ إثر
ملاحقته من الأمن . ولم أعد أراه منذ ذلك الحين .وبلغني
حصوله على الدكتوراه في الشريعة وصار عميد كلية الشريعةفي صنعاء لمدة ربع قرن .

وفي عام 2014 خرجت للمسجد لأداء صلاة الجمعة .واذ بشيخ يخطب وهو طاعن في السن وقال في الخطبة إنني غادرت  هذه القرية عام 1970 .

بدأت أطوف في أرشيف ذاكرتي لأعرف من هو فلم أفلح وفي نهاية الخطبة .قال : أنا فلان؛ عرفته  ! لكن أدهشني بمنظره وكأنه تجاوز المائة عام من العمر وهو في الحقيقة عمره من عمري .
نزل من المنبر وأدينا الصلاة واتجهت إليه الناس لتسلم
عليه وأنا منهم إلى أن جاء دوري ؛ قبلته وقلت له: أعرفتني !قال لا . قلت أنا فلان .عاد وعانقني
وقبلني بشدة وبكى وأبكاني؛ وقال أنا قادم إليك ؛ قلت له أهلا وسهلا ثم خرجنا ومكث عندي أكثر من يوم وأثناءها سألته لماذا اختر ت المجئ لعندي ولديك أقارب ؟ قال لأرد لك جميلك .وفي تلك الفترة .لم يتواجد
لدي مائة ليرة سورية .تبعا للظرف الذي تمر فيه سورية.
أعطاني ألف دولار . ثم غادر .واستمر بارسال مبالغ
لي بين الحين والآخر حتى تجاوز المبلغ أكثر من أربعة
آلاف دولار .

ياالله توظف عندي عام 1968 توظفت عنده
عام 2014؛ وكذا الأيام والدنيا دول….

اتصلت به وقلت له كفي ياأخي قال .إن بعت حالي وأولادي لا استطيع رد جميلك!! .

آلافي كانت في تلك الفترة ثمن سيارةأو منزل؛

وآلافه اليوم تشتري سيارة أو منزل علما
بأنه لاجئ سياسي في لندن ؛ومريض بنصف شلل .
يقول الشاعر .
كل الامور تزول عنك وتنقضي
إلا الثناء فإنه لك باقي

قرائنا الأعزاء : لا اأستعرض فيما أكتب ولكن لأذكر

( أنها تلك الأيام نداولها بين الناس) من يعلم وهو ناسي ولنتعلم من بعضنا

 . لابد  المشاركة والتعليق والنقد
لمن له القدر ة من الأصدقاء ؛ لأننا نحتاج للوعي الإجتماعي والأخلاقي؛ والديني والسياسي؛ علنا نتغير في ذاتنا قبل مطالبتنا بتغيير غيرنا .

المحامي :علي علايا **الشارع العربي**

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى