قصص من الواقع

خوارزميات وطن

الفنان والفن

في عام ١٩٩٨ ذهبت إلى دمشق ..

وكان معي صديق صحفي يعمل مع الفنانين ,فقال لي نحن مدعوون للغداء عند الفنانة ( هالة حسني رحمها الله )

فلما إلتقيتها في منزلها المتواضع في دمّر سُررت كثيراً لبساطتها وحديثها البسيط عندما شربنا القهوة , قالت :أنا أقرأ الفنجان

فبصرت لي على سبيل المجاملة, وتحدثت لنا عن عشق أحد الجان لها وكيف تخلصت منه.

سألتها في السياسة لكونها خريجة سياسة واقتصاد من ألمانيا , فقالت جملة جميلة : أنا فنانة لبلدي وبس .

إتصل بها الفنان حسن دكاك رحمه الله , فقالت له عندي ضيوف من حلب فدعانا لزيارته لكن الوقت كان ضيق ..

هنا أردتُ أن أتصل بزوجتي بحلب ويومها لا يوجد جوال , فقامت واتصلت بزوجتي طبعاً لأول مرة .

فبمجرد أن قالت لها : مرحباً أم يامن كيفك .. أجابتها فوراً أهلين ست هالة كيف عرفتي رقمنا .. سُعدت كثيراً ألست هالة لأنها معروفة من صوتها .. كانت تعاني من مرض السكر في قدمها ..

الفنانين السوريين تميزوا في كل شيء وبلغت الدراما السورية ذروتها وسحبوا البساط من المصريين , إلتقيت بالكثير منهم أثناء خدمتي بالنيابة العسكرية بدمشق , أفتخر بهم إلا غوار: لئيم وانتهازي بشهادة أم حسن إبنة أبو كلبشة ولا أعرف رأي الماغوط فيه ..

لكن تمنيت لو أنهم لم يدخلوا السياسة وبقوا على الحياد ما أمكن لأنهم كنزٌ للوطن فقط , وأجمل ما ظهر فيه فنانونا في مسلسل باب الحارة الجزء الأول والثاني,, عبره تعرف العرب على جمال الفسيفساء السورية والمرأة السورية حتى حفظوا اللهجة الشامية أيضاً .

كلنا ندعي حب الوطن كما ندعي أننا مسلمون بالولادة , ألم نقل حبُّ الوطن من الإيمان ؟

فالإيمان يزيدُ وينقص وهيهات أن تجد كامل الإيمان , فمن يعلم فقد يصبح المرء مؤمناً ويُمسي كافرا .

حُبُّ الوطن مثالية , شوفونية , تضحية بالمال والجاه والولد , لم نعد نرى الصورة الحقيقية لهذا الحب بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز رضوان الله عليهم .

فالجيش, والعلماء ,والفنانين , والقضاة , والمعلمين هم خوارزميات الوطن ويجب أن تُحرم عليهم السياسة ومفسدتها

حتى نضمن للبلد قواعد متينة ويبقى الأمن قائماً , والناس في مأمن من كل نزاعاتٍ شخصية وطائفية .

والدستور ضامنٌ لهذه الإستقلالية ..

القاضي :حسين برهو حسين** الشارع العربي **

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى