الدين والمجتمع

حكم زواج زوجة المفقود أو الغائب أو السجين .

المفقود والغائب
الشرع لم يترك لنا حالة إلَّا و بينها وأضاء لنا بنوره كل طريق . وما أحوجنا في هذه الأيام التي نعيشها كحرب نحن السوريين و منا المفقود والأسير والغائب الذي ترك وراءه زوجة وإرثاً . فما هو المفقود أو الغائب ومتى يُحكم عليه بالوفاة ومن الذي يحكم بذلك و ماذا لو تزوجت زوجته بعده ثم تبين أنه حياً ؟

فتعالوا نرى ذلك : المفقود هو الشخص الذي غاب عن أهله وانقطعت أخباره، فلا يُدرى أحي هو أم ميت . كالمسافر الذي إنقطعت أخباره تماماً, أو الأسير الذي لا يعلم موضعه، ولا يمكن الإطلاع على أخباره. أو مَن فُقد خلال الحروب فلا يعلم حاله أحيُّ هو أم ميت.

 حكم زواج زوجة  الغائب أو المفقود

فالأصل في المفقود: الحياة وانقطاع أخباره وإن كان يوجد شكًا في حياته , إلا أنَّ هذا الشك لا يزيل اليقين والقاعدة الفقهية : اليقين لا يزول بالشك .ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلاَّ ببيِّنة واضحة كخبر الثقات القائم على المشاهدة سواء من رفقاء السجن، أو زملاء المعركة، ولا يُكتفى في هذا الباب بالظنون المجردة أو الأخبار المتناقلة. وبناء عليه: فلا يجوز لورثة المفقود قسمة ماله ولا لزوجته أنْ تتزوج إلَّا بعد أنْ يثبت موته ببينة شرعية، أو يصدر حكم من القاضي الشرعي بذلك.

وإن لم تحصل البينة على وفاة الزوج أو لم يصدر حكمٌ من القاضي بموته وتعجَّلت المرأة الزواج، فهذا النكاح باطل، ويجب عليها أن تنفصل عن زوجها الثاني فورًا.وإذا طالت غيبة المفقود دون أنْ يعود إلى أهله، فلهم أنْ يرفعوا أمرهم للقاضي الشرعي الذي يُحدد مدةً للإنتظار، فإن لم يرجع خلالها حكم القاضي بوفاته.

ونظراً لخلو المسألة من نص شرعي صحيح، فقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه المدة .وأقرب الأقوال في المسألة أنَّه يُرجع في ذلك للقاضي الشرعي في كلِّ بلدةٍ بحيث ينظر في كل قضية، ويحدِّد مدةً للتربص والإنتظار بحسب الظروف المحيطة بكل حادثة، والقرائن الملابسة لها لأنَّ حال المفقود يختلف من مكان لآخر، وظروف الفقد تختلف من حالة لأخرى، فلكل واقعة أحوالها وظروفها .

قول الأئمة في زواج زوجة الغائب 

فمذهب الشافعي والحنفي : حَتَّى تَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ بَعْدَهَا، فَيُحْكَمُ حِينَئِذٍ بِمَوْتِهِ .وجاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية والعشرين المنعقدة بمكة المكرمة لعام (1434ه): يُترك تحديد المدة التي تنتظر للمفقود للقاضي، بحيث لا تقل عن سنة ولا تزيد على أربع سنوات من تاريخ فقده ويستعين في ذلك بالوسائل المعاصرة في البحث والإتصال, ويراعي ظروف كل حالة وملابساتها, ويحكم بما يغلب على ظنه فيها.. من فُقد ولم يُعلم حاله، ثم تبينت وفاته بخبر مؤكد، فإنَّ عدة زوجته تكون من يوم وفاته، لا من يوم علمها بها. وعليه، فإن لم تتأكد من خبر وفاته إلَّا بعد الأربعة أشهر وعشرة أيام: فلا عدة عليها. وأخيراً : إن ظهر المفقود حياً بعد أن حكم القاضي الشرعي بوفاته، وقد تزوجت امرأته دون فسخ النكاح الأول، فإنه يكون أحق بها من زوجها الثاني، وفي هذه الحال يفسخ النكاح الثاني وتعتد المرأة منه (بحيضة واحدة) ثم ترجع لزوجها الأول.وإن رغب عنها وأقر هذا الزواج الثاني، فله ذلك، ومن حقه استرداد المهر الذي دفعه لها من زوجها الثاني. وأي الخيارين اختار، فليس له الرجوع عنه..


القاضي حسين برهو حسين **الشارع العربي**

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى