رياض فكر

سيكولوجية الإيمان

بالأرواح

 

الإيمان بالأرواح برهان على عقدة نفسية تحتاج إلى العلاج النفسي .

كثيرًا ما نسمع ان بعض البيوت مسكونة بالأرواح ، فيقولون إننا نسمع أصوات ضجيج ، وتكسر أطباق في البيت او قطع من الأثاث ، وفعلاً عند معاينة المكان قد نجد ذلك الفتات وقطع الزجاج، لكن هل يعني ذلك فعلًا ان أرواح الأموات عادت وهي تعبر عن وجودها او غضبها بذلك.

أننا حين نكظم غيظنا ، نجد أننا ننفجر في يقظتنا ، فنتناول أقرب الأشياء إلينا ونقذف بها دون أن نبالي بأن تنكسر ، وكلنا يعذر هذا الشخص ويعمل على مواساته وتهدئته.
ان ما يحدث هو أننا حين نكظم غيظنا ، ونضغط على أنفسنا ، خشية النقد أو الضرر الذي يعود علينا إذا نفسنا عن أنفسنا بالسب أو الضرب أو الكسر. ويكمن هذا الغيظ داخل نفوسنا وعقلنا ، ويستولي علينا النوم تأتي الأحلام لتفريج هذا الغيظ المكظوم . فنحلم بأننا نضرب خصمنا أو أننا نراه يمشي في هوان وذلة. وهذا الحلم يريحنا بعض الشيء.
ولكن هناك من يحلمون وينهضون ويمشون أثناء نومهم ، ويقومون بأعمال على غير وعي منهم ، أي أنهم يفعلوا كل ذلك وهم في استغراق النوم .
فإذا كان هناك غيظ مكتوم فإن هذا الشخص قد ينهض في نومه ، ويكسر آنية البيت، وهو نائم فإذا استيقظ لم يذكر شيئًا، وفي الصباح يقول سكان البيت أن الأرواح قد حطمت الآنية.
ونحن هنا إزاء عقدة نفسية أدت إلى التدمير المنزلي.

وكذلك الأمر عندما يقال إن الأرواح تشفي، فإن الإنسان عندما يكظم ضيقه وألمه فيندس هذا الضيق والإلم في نفسه ويكمن . وتأتي الأحلام لتفرج عنه بعض الشيء لكن ذلك لا يكون كافٍ فيلجأ للعقيدة فتكون هي الميناء الآمن له، ويقصد بالعقيدة أي عقيدة.
مريض السكري الذي أصابه نتيجة ضغوط نفسية شديدة ، حتى وإن عولج نجد ان علاجه لا يكون كافٍ ، فعندما يقتنع ان عشبة معينة تشفيه ويعتقد بذلك ويستخدمها فإن كان مرضه ناجم عن ضغوط نفسيه فسنجد انه تحسن بشكل جيد ، وان كان مرضه عضوي فإن راحته النفسية ستحسن من حالته وتحدث تحسنًا ملحوظًا في مرضه.

والتجاء المرضى إلى الأرواح هو عقيدة تخفف بعض آلامهم ، لأن المريض ما دام يؤمن بأنه سيشفى ، ويوقن بأن الشفاء مؤكد فإنه يشفى إذا كان مرضه نفسيًا.
من الأمراض التي قد نلاحظها العمى النفسي و الصمم النفسي ذلك ان الشخص المصاب بهما او بأحدهما لن يرى من يكره حتى لو كان امامه ، وكذلك لن يسمعه. وعكس ذلك يحدث ، فإذا كنت أعتقد إني سأرى شيئًا أو إنسانًا فإن من المؤكد أني سأراه وإن لم يكن حاضرًا. وإذا كنت أعتقد أني سأسمع شيئًا فإني سأسمعه وإن لم يكن هناك ما يسمع.

بل إني أستطيع أن أؤلف صورة أو أسمع صوتًا لأي شيء يحس ، وذلك نتيجة للعقيدة التي تبعث في نفسي رغبة تشبه العاطفة كي أصدق.

لماذا يترك الناس التفكير المنطقي و يعمدون إلى العقيدة؟

إن الإجابة على هذا السؤال هي التفسير المقنع للتعلق بالأرواح ، ذلك أن المؤمن بالأرواح «يعتقد» وقد يتعقل، وهذا الإعتقاد برهان على أن في نفسه حاجة ملحة إلى الإيمان بعقيدة يعتمد عليها كما لو كانت جدارًا يستمسك به أو عصا يستند إليها..
العقيدة تحدث إنفعالا قويًا، إذ هي لا ترجع إلى منطق العقل الذي يعتمد على المعاينة والرؤية وإنما ترجع إلى الحاجة النفسية حين نحس الشك أو الخوف أو الزعزعة فنلجأ إلى عقيدة معينة نستند إليها كما لو كانت الدواء الوحيد الباقي لنا.
ان العقيدة عاطفة. والعاطفة قريبة من الجنون الذي يغشي العقل ويظلمه بل يلغيه. ونحن لذلك نغضب بل نحنق حين يجادلنا أحد في عقيدة نعتنقها لأنها تثير في أنفسنا عاطفة لا نتحمل نارها.

د: سليمان_عمر** الشارع العربي**

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى