قصص من الواقع

أنا والكفيل في بلاد النفط

عسل بالسم

أتاني ذلك الإتصال من صديق لي عند إنتهاء دوام العيادة ، ليقدم لي عرض عمل في الخليج ، الذي كان يعتبر حلمًا للكثيرين ، حلمًا عند صعود سلم الطائرة ، وكابوس يستمر مدى الحياة بعدها .
سم محلى بالعسل ، سمه بطيء الفعل، يبقيك عسله حيًّا لكن سمه يترك جسدًا جافًا نخرًا .
لحد تحفره عندما تطأ بقدميك تلك الرمال وتجهز نفسك لتدفن فيه .
مفاوضات قصيرة ، وعود مغرية ثم سفارة وتأشيرة وتذكرة سفر لتجد نفسك في المطار شابًا في مقتبل العمر ، في صالة يغلب عليها اللون الأبيض ، غتر بيضاء ، عقال ورائحة عود ، لتخرج من الصالة المكيفة الباردة تلفح وجهك موجة حر ورطوبة ، نعم هنا الخليج العربي ، أحلام الثروة والراحة والأمنيات .

رحلتي إلى الخليج العربي 

حينما قدمت إلى الخليج لأبدأ عملي ,كنّت قد قابلت صاحب العمل مرات عديدة  ، كان يشغل منصب مدير الأمن الصناعي في أحد فروع اضخم شركة نفط في الخليج  .
أوصلني السائق لبيت هو مزرعة صراصير ، في بناء معدم وحي أشبه بالخرائب .

قضيت ليلتي واقفًا مع زوجتي في منتصف الغرفة أقول ماذا فعلت بنفسي وأي جناية جنيت بها على زوجي . ….
أتى السائق ليأخذ أوراقي بعد ساعة من وصولي ، قلت له خذ الحقائب للسيارة وذهبت معه للمشفى ، كان المدير التنفيذي سوداني هناك
دخلت وقلت له بعد السلام عليه
هل تظنوا  أنني كنّت بخيمة في الصحراء …….
عذرا فأنا طبيب أخصائي وتعاملكم  معي بهاته الطريقة إهانة , وأرجو عمل اللازم لعودتي غدا لبلدي وإن كان ممكن فالآن أود العودة ….. كانت المدينة التي أتيت لها صغيرة لا فنادق فيها …
فآتصل المدير بصاحب العمل وسمعته يهمهم :  أن السوري الذي أحضرت ، ما عاجبه شي وبده يرجع الليلة . وكان يرد السوداني بآه نعم …آه نعم …
بعدها قال هنا لا يوجد فنادق للاسف ، سنرى غدًا ما نفعل
في اليوم التالي اتى صاحب العمل ، وحاول اقناعي بالبقاء شهرًا في البيت ريثما يجد سكنًا أخر ، متحججًا بقلة البيوت المعدة للتأجير في المدينة ، وقال سارسل من يصلح لك البيت وينظفه وارسل لك أثاث جديد ، في اليوم التالي ارسل عمال لنقل الاثاث القديم ، الذي تعاقب عليه ربما عشر قاطنين ، وحينما وضعوه في الشاحنة سالني العامل بلكنته الهندية المعربة : صديق ايش يعمل هادا عفش ..               نظرت له وقلت :  ضعه أمام المستشفى ..                                         وصل المدير ، ورأى الاثاث القديم المتهالك امام المستشفى ، سأل السائق من قال لك ان تحضره هنا .                                              رد عليه : دكتور كلام كده ..! اتصل المدير سريعا بصاحب العمل ليخبره بما حدث  فجن صاحب العمل
وأتصل بي ….
الكفيل :إنت بدك تفضحني !!!!!!
الدكتور : إذا أنت شايف أن  المكان والعفش فضيحة كيف عايز أعيش عليه…

أنا والكفيل بعد شهر 

قابلته بعد  بعد شهر وكنت قد غيرت سكني .دار بيني وبينه الحوار التالي :

الكفيل: إيش رأيك بالسعودية؟
الدكتور:اعفيني من الإجابة
الكفيل : بالله إلا تقول
الدكتور :  دون زعل
الكفيل : نعم

الدكتور : سمعت جدي وجد جدي يقول إنها أطهر أرض بس أنجس قوم

أما أنا فسأشرح لك ما وجدت ……..
وجدت أن النفاق عندكم كتير , وقت تحكوا ع التلفون قبل التعاقد ، بيظن الواحد أنه سيعمل عند أحد الصحابة لكن ينصدم !!!!!,أكتر الناس كذبا  , أنتم أكثر الناس حلف أيمان كاذبة, أنتم تغسلوا أنفسكم بالعود لتغطوا نتن أعمالكم , وتلبسوا  الأبيض لتغطوا سواد قلوبكم وتسوكوا أسنانكم لأنكم عّم تشحذوها لتأكلوا لحوم من  يشتغل عندكم
نظر  الكفيل إلي فقال : قلت بصراحة بس ما تسبنا بوجهنا
الدكتور : قلتلك رح تزعل مني لأنه هاته هي الحقيقة
وبعد ١٨ سنة ترسخت هاته الحقيقة بذهني ووجداني ولن أعمم ولكن
من رحم ربي منهم قليل للأسف .

من هو الكفيل؟

إدا أردنا أن نعرف الكفيل,  فهو لا يعدو أن يكون نخاسًا يبيع ويشتري العبيد تحت مسمى عقد عمل ، طبعًا هناك إستثناءات لكن  قليلة جدًا ممن يتعاملون بإنسانية .

شكل الكفيل

عادة يلبس الكفيل ثوب أبيض ليخفي سواد روحه ، يبالغ في تطيب نفسه بالعود ، ليغطي نتن ريحه ، وقد يتسلح بالسواك ليشحذ أسنانه جيدًا ليستطيع نهش روحك وليس جسدك ، يضع غترته التي يخفي فيها قبح هيئته ، وفوقه عقاله الذي يميل لإستخدامه سوطًا يكوي به ظهور عبيده .
يبرز من جيبه العلوي قلمه الذهبي ، ليظهر نفسه ذلك الشخص ذو القيمة ، ليوقع به شيكاته التي يتباهى بها ، وفِي جيبه سبحته وجزدانهِ الذي يسمى [ بوك ] ، ولا ننسى هاتفًا نقالا أو إثنين ليكمل مظاهر عظمته .

يمتطي صهوة سيارته الفارهة ، ويسرع سائقه لفتح الباب له صعوداً ونزولاً .
تجلس في حضرته لتتلقى كمًّا من الكذب ، والنفاق والأيمان الكاذبة والإيمان الكاذب,والوعود الوردية التي سرعان ما تتبخر عند أول مطالبتك بحق من حقوقك ، ليرفع عندها سبابته ملوحًا ، يا غريب آقعد أديب .

مغترب في بلاد الرعاع**الشارع العربي**

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى