قصص من الواقع

نَزيلْ في زنزانة لأسبوع

بِما أنها التَجربة الثانية التي أقف ُفيها وراءَ القُضبانْ . لكنْ هذه المَرَّة تَختَلفْ عَنْ سابقتها .
تَنَقلتُ بَينَ المَهاجعْ فَقابلتُ أُناساً . رحّْبوا بي كَثيراً فَمنهمْ مَنْ أَعرفه ومِنهمْ مَنِ ألتقيتُ به لأَولِ مَرة .
قابلتُ شَّباباً يَحملونَ أَحلاماً عَجزتُ عنْ وَصفها . يَحملونَ شَّوقاً إلىٰ ذَويهمْ وإلى أَصدقائهمْ . ويَحلمونَ بوطنٍ أجملْ لا جَهلَ فيه ولا فَقرَ ولا ظُلمَ ولا جَريمة ولا مُخدراتْ . يَحلمونَ بِوطنٍ فيه كُلَ الخَيرْ .
أَحَدهمْ قالَ لي كُنتُ أحلمْ بأيِّ وَظيفة تُغنيني سُؤالَ الناسْ . قالَ لي أَنه وَعدَ أُمّْه بِشراءْ كَنزة صوفْ تَقيها بَرّْدْ الشتاءْ وَوَعدَ حَبيبته بِشراءْخاتم الخُطوبة وَذلكَ مِنْ أَولْ راتبْ يَتقاضاه ثُمَّ ذَرفَ دَمعة . كانَ يُخَطط لذلك عندما يَتَخرجْ مِنْ إحدىٰ الجامعاتْ السورية وكانتْ أَحلامه أَكبرَ مِنْ ذلك .
التقيتُ أَحدْ ضحايا المُخدراتْْ فقالَ لي جَرّْبها مَرة واحدة فَقطْ سَتَجدْ نَفسكَ عَبداً لها . لا تَملكْ حَقَ التَوبة عنها .
ألتقيتُ شَّباباً لَم يَنبتْ شَّعرَ ذُقونهمْ كانوا ضَحايا الحُرية . سِّيقوا إلىٰ المُعتقلاتْ والسُجونْ فَقَطْ لأنهم طالبوا بِكرامةِ الإنسانْ .
في تِلكَ الزنازينْ عاشِقونْ للوطنْ . قَالَ لي أَحدهمْ يوجدْ قسمْ لِلنساءْ . هَتفوا لا لِلطغيانْ لا لِلظلمْ .
في تِلكَ الزنازينْ عاشِقونَ لِلحرية .. يَذرفونَ سواقي مِنَ الدموعْ ..
قالَ لي أحَدهمْ لِماذا لا يَجلبونَ المُهَرّْبْ والتاجرْ الذينَ جَلبوا تِلكَ السُّمومْ ويُحاكمونهمْ . قُلتْ ورُبما أُخففُ عَنهمْ بؤسَّهمْ .. لَعلَّهمْ في زَنازينَ خاصة .. ضَحكَ ضِحكة أَحسستُ بِها كَطلقة اخترقَتْ ضَميري .. وتَمّْتَم .َ رُبما هُمْ في فَنادقْ خَمسْ نجومْ .
كُنتُ أَظنْ أَنَّ مُصيبتي كَبيرة لكنني أَيَقتْ أَنْ لا مُصيبة أَكبرْ مِنْ مَصائبْ الوَطنْ

خالد عبد الكريم **الشارع العربي **

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى