رياض فكر

مشكلتنا هي نحن !

 

الحقيقة الغائبة 

ما تمرُّ به الأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة اليوم ليس فيه من جديدٍ سوى وضوح الصُّورة للجماهير بسبب الثَّورة الإعلاميَّة والمعلوماتيَّة لا أكثر. 

التَّهديدات والتَّحديات والمؤامرات والضغوط التي تحيق بالأمة ليست جديدة أبداً لأنَّنا إذا عدنا إلى مطالع القرن العشرين على الأقل وجدنا ما كان حينها غير مختلف عمَّا يحدث اليوم ولم يختلف الأمر ما بَيْنَ اليوم ومطالع القرن العشرين. 

مخططات التَّجزئة وإثارة الفتن الطائفية والدينية والإقليمية ومنع التطور وإعاقة التقدم وتكريس الأنظمة القمعية.. كلها ممارسات ظلَّت ولم تزل قائمةً على قدمٍ وساقٍ منذ مطالع القرن العشرين على الأقل بمختلف السُّبل الممكنة والمتاحة ولم يتغير شيءٌ حَتَّى الآن. 

هٰذه حقيقة يدركها المهتمون ويعونها جيِّداً ورُبَّما لا يختلفون على شيء منها. 

ولكن ما يجب توضيحه هنا ووعيه وعياً صريحاً لا لبس فيه هو أننا منذ مطالع القرن العشرين ونحن نسير بالمقلوب ونسلك الطرق الخاطئة ولذۤلك ظلَّت العجلةُ تدور بارتياح في طريقها إلى تدمير الأمَّة العربيَّة وقيادتها من هاويةٍ إلى هاويةٍ أخرى. 

ما زلنا منذ قرن ونحن نسبُّ الاستعمار وندين سلوكاته وممارساته ومخططاته. وبعدما خرج الاستعمار توجهنا بالسَّبِّ واللعن والإدانة إلى الغرب عامَّة، وبعد ذۤلكَ إلى الولايات المتحدة خاصةً… ولم ننظر إلى أنفسنا وأنظمتنا الحاكمة. 

ظللنا نتهم الغرب بالحمق والازدواجيَّة والوحشيَّة… 

سعينا لنُفْهِمَ الغرب أنَّهُ مخطئٌ بهٰذه الممارسة الازدواجية المناقضة للمنطق.. 

انتظرنا من الغرب أن يدرس المنطق حَتَّى يحسن معاملته لنا… 

وظللنا ننتظر…

وما زلنا نتظر… 

وسنظل ننتظر طالما أننا نفهم المعادلة بالمقلوب… 

أليس من الحمق أن نفعل ذۤلكَ؟ 

كلُّ الحمق في هٰذه الخيارات التي حكمنا أنفسنا بها طيلة أكثر من مئة سنة…

النَّقطة فالحقيقة التي يجب أن نفهمها وننطلق منها هي أنَّ الغرب يمارس ما يخدم مصالحه، ويقوم بما يجب أن يقوم به لتحقيق مصالحه ولذۤلك ينبغي أن لا نلومه أبداً بل يجب أن نقتنع أنَّ ساسة الغرب سيكونون أغبياء بل خونة إن لم يقوموا بما يقومون به من أجل حماية مصالح شعوبهم وأممهم…

هٰذا يعني أن جورج بوش الصغير وفريقه سيكونون خونة إن لم يقوموا بما يقومون به من حصار واحتلال وتهديد وضغوط على العراق وسوريا ولبنان وبقية الدول العربية… 

والسؤال الذي يفرض ذاته الآن هو:

إذا كان الغرب يفعل ما يفعل لتحقيق مصالحه فماذا فعلنا ونفعل نحن؟ 

الواقع يقول إننا ساعدنا الغرب على تحقيق مصالحه على حساب مصالحنا وكرامتنا وشرفنا وأخلاقنا وقيمنا فكنَّا بذۤلكَ نحن من يمارس الازدواجيَّة ونعيق تقدمنا ونعرقل تطورنا…

فكنَّا نحن الخونة… 

مشكلتنا إذن هي نحن وليس الغرب.. 

الغرب لم يخطئ، لأنه يحقِّق مصالحه.. 

مشكلتنا في أنظمتنا السِّياسية التي تقف ضد مصالح أمتنا وتتآمر الغرب على الأمة…

ومشكلتنا في شعوبنا المتخاذلة التي تفهم الحقيقة وتصمت.. 

مشكلتنا أننا نحن كلنا من نخون أنفسنا ومصالحنا وقيمنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا…

فإلى متى سيستمر الصَّمت؟.. 

د : عزت السيد أحمد** الشارع العربي** 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى