رياض فكر

حديث النفس

الواحده صباحاً بعد ليله مطيره ، صفاء ذهني وهدوء ليس له مثيل ، أجلس وحيداً في غرفتي بسكن الطلبه علي حافة النافذه والهواء البارد يلفح صفحة وجهي الأيمن ويدخل صدري هواء نصفه بارد من الخارج ونصفه دافيء قادم من الغرفه فيخالجني شعوران لا أستطيع أن أميز كنههما ولكني مستقر علي أنهما لا يشعراني بخير .
كنت أقرأ لتوي رواية ” حديث الجنود ” التي تتحدث عن معركة طلابية مع إدارة جامعة إحدي الدول العربيه التي سرعان ما تم التعامل معها بغباء شأنها شأن كل المشاكل العربيه التي تتعامل معها حكوماتنا ؛ كدت أنتهي منها ولكن رائحة المطر والهدوء الذي يصحبه والوحدة التي يتركها المطر في النفس شدتني لأجلس جلستي تلك وأكتب هذا الكلام .
في هذه اللحظه ينتابني شعور بأني لا أريد التفكير بأي شيء علي الإطلاق ، كنت كمن أصابه إعياء التفكير ، اعتدت أن أعيش بمثل هذا الإرهاق الفكري طوال حياتي وأحياناً التشتت ، أنا الآن أكثر إتزانا وغير مشتت ؛ولكن كثرة التفكير والأفكار تقض مضجعي؛ وتأخذ من روحي بقدر ما تضيف إليها وسأكتب جانباً من هذه الأفكار .
أسأل نفسي كثيراً لماذا أفكار مثل ” الإسلام وتطبيقه ، الأمه ، اللاجئين ، المحاصرين ، المهجرين ، سوريا ، فلسطين ، الحريه ، الظلم ، كيفية جعل حياة الناس أفضل ” تؤرقني وتشعرني بمسؤليه كبيره في حين أن المفروض “أو هكذا اتفق المجتمع ومجتمعنا للأسف مريض” أن مثلي يجب أن تشغله ” المذاكرة ،الكلية والرياضه أحياناً ؛ وإذا كان لك أنشطة أخرى كالقراءه أو عمل تطوعي؛  أو لعبه كالشطرنج أو حفظ للقرآن ” .
وأنك إن فعلت ذلك كنت في نظرهم الطالب والفرد المثالي .
كل تلك الأفكار المجيده منها  والعاديه وأحياناً التافهه تمتزج وتتلاقح في عقلي؛  وتتمخض بمزيج فكري وشعوري كثيراً ما يعتق نفسه ؛  ويصبح مسكرا ويشعرني بإنتشاء معظم أوقاتي .
إنني أحمد الله علي هذه الأفكار وهذا التفكير وعلي محاولة تبنيها وتشربها أو لمجرد التفكير بها .ولكن لحظات أخرى أسأل لماذا أنا ؟

لماذا علي أن أحمل تلك الهموم ؛ والأفكار والقضايا والمسائل ؟

لماذا علي أن أحمل هموما تثقل كاهلي وتقض مضجعي ؟

لماذا لا أكون مثل البقية ؟ لماذا لا أكون مثل زميلي بالجامعة الذي أعرفه جيدا ؟ ألبس آخر موضه وأحرص على إظهار ركبتي من البنطلون وأكلم تلك الفتاه أو تلك ، أنهي دوامي بالجامعة أعود إلي البيت أكل طعامي وأنام لأستيقظ ليلا لألعب “البلاي ستيشن ” أو نجلس على أحد المقاهي؛!! ثم أقضي الليل ساهرا علي الإنترنت؛ ,, لأنام وأستيقظ لأكرر نفس اليوم من جديد غير آبه بشيء ؛ونفسي نفسي وليذهب العالم إلى الجحيم …..
في النهايه أعود مطأطأ النفس؛ صافعا إياها علي ذلك التفكير ومجرد المقارنه بيني وبين أي شخص؛  لأنه علي الرغم من دناءة هذه العيشه لو أعلم أنها ستجعلني سعيداً لكنت أحياها الآن ، ولكن الكفاح هو ما يملؤني سعاده ، مساعدة الناس ؛ وحمل همومهم والعمل من أجل الغايات العظيمة ؛  هي ما تدغدغ مشاعري متمثلا بالشطر القائل ” على قدر أهل العزم تأتي العزائم ” :ولكني عندما أتأمل هذا الشطر بصدق؛  أجد أنني لست بصاحب عزم؛  لأنني لو كنت لم أكن لأجلس جلستي تلك .
سأذهب لأكمل روايتي تلك؛  مدخلا ذلك الكم من الأفكار إلى رأسي ثانية؛ ليسكرني من جديد لأنه على الرغم من أني لا استحسنه بعض الأوقات؛ لأنني أدمنت عليه؛ ومدرك تمام الإدراك أني لن أقلع عنه؛ حتي يقضي الله أمرا كان مفعولا …..

سعدى رضوان **الشارع العربي **

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى