قصص من الواقع

الطبيب المكوجي

يتحدث شاب أردني مقيم بالرياض ، متزوج و لديه 3 أطفال ، و يعمل محاسب فى إحدى الشركات براتب 4000 ريال سعودي ، بالكاد تكفي مصاريف البيت بعد أن يرسل لوالدته المصروف الشهري ، و مساعدة بعض الأخوات ..

‏يقول تعرف على هندي ( مكوجي ) عن طريق بعض أصدقائه ، وأصبح زبونا دائما،منذ ما يقرب العامين ، حيث يأتي الهندي بدراجته الهوائية كل مساء خميس إلى بيت ثامر ،

‏و يقوم بكوي ملابس البيت ،

‏و فى آخر الشهر يستلم هذا الهندى مبلغ مائة ريال سعودي من كل بيت يكوي له ..

‏قال ثامر :

‏من أول يوم أعجبت بشخصية هذا الهندي !!

‏فهو وسيم ، و أنيق فى لبسه ، قليل الكلام ،

وإذا تكلم تشعر بأن حديثه يخرج من عقله قبل لسانه ، لغته الانجليزية تكاد تكون اللغة الأم ، يتحدثها بطلاقة

‏و كأنه يحمل لسانا أوربيا

‏قال ثامر :

‏فى يوم من أيام الخميس جلست معه فى الغرفة التى يكوى فيها ، وأخذت أتجاذب معه أطراف الحديث ..

‏فقلت له :

‏هل لديك عمل آخر غير هذا المكوى ؟

شركة مثلا ؟؟

‏فقال لى :

‏أنا طبيب أخصائى أطفال !!

‏طبيب ؟؟

‏أخصائى ماذا ؟؟؟

‏صدقوني كأنني فى حلم … هذا الهندي يكوي ملابس أسرتي منذ عامين ، وأنا لا أعلم أن في بيتنا طبيب أخصائي أطفال ظللت لعدة دقائق أنظر إليه فى بلاهة ، غير مصدق لما قال ….

خرج بعد أن أنهى عمله

وفى الخميس التالى أحضر معه شهادات الطب بمرتبة الشرف والتخصص ، وقال لي إنه يعمل في واحد من أكبر المستشفيات بمدينة الرياض ، أخصائي أطفال ، راتبه أضعاف راتبي ، فهو يتقاضى

‏14 ألف ريال ، كان من المفترض والواجب علي أنا أن أكوى الملابس وأغسل السيارات فى الشوارع والطرقات ،

هؤلاء هم الهنود ، الغربة لديهم عبارة عن هدف ، يعملون من أجله ، لا من أجل البقاء للأبد في دار الغربة ..

#‏التخطيط_ الهدف_العمل..

‏قال لي الهندي أخصائي الأطفال ( المكوجي ) …….. أنه أتى إلى الرياض لقضاء ثلاثة أعوام ،

‏لا غيرها ، ثم العودة إلى موطنه الهند ؛ فهو قد خطط جيدا ، وأخبرنى بأنه انهى تشييد منزله بمساحة 1000م فيلا فاخرة ،

‏و أراني إياها على الصور ،

‏شيء خرافي ، والآن هو يؤسس فى عيادته الكبيرة في الهند ، وقد اشترى الكثير من الأجهزة الطبية ..

‏والآن وأنا أكتب لكم هذه #القصة والهندي أخصائي الأطفال موجود ببلدته ، وسط أهله وعائلته ، يمارس عمله ..

و يسكن فى فصره ..و لديه سيارة فارهة

‏وأنا الذي قضيت 15 عاما في الغربة ، متغرب عن وطني الأردن ، في الحليج ، لا زلت أستدين من الأصدقاء ،

‏و أستجدي صاحب الشركة الذي أعمل معه ؛ حتى يكرمني بتذاكر الطيران ؛ لأقضي إجازتى القصيرة بين أهلي ووالدتي وإخواني في الأردن ، محملا بالهدايا والأقمشة والعطور.

ثم أعود مرة أخرى إلى الغربة ، صفر اليدين ؛ لأستدين ؛ حتى أغطي الإيجار ، و رسوم المدارس ، و حق ( المكوجي ) ..

سيف الدين الشامي #الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى