قصص من الواقع

هل فعلنا شيئاً يغضب جيراننا ؟

في إحدى المقابلات الصحفية
يقولُ رئيسُ النمسا الأسبق ( توماس كليستيل الذي تولى الرئاسة بين عام (1992 – 2004)
وقد توفي في آخر يوم من فترة ولايته الثانية والأخيرة :

أسكن منذ أربعين عاماً في شقة في الحي الرابع في فيينا.
كانت تجمعني وزوجتي علاقة حميمة مع كل جيراني في العمارة، كنا نتبادل الزيارات والتحية كلما نتقابل على المصعد،

أو في مدخل العمارة، ونتحدث عن الأولاد والسياسة والحالة الإجتماعية، وخبر الساعة تماماً كما يفعل الجيران.

ولكن بعد أن أصبحت رئيساً للنمسا، وجدت تغيراً في علاقة جيراني بي !!
العلاقة أصبحت فاترة جداً !!
لو ألقى أحدهم التحية يلقيها وهو لا ينظر إليّ !!
واذا ألقيت أنا التحية أكاد أسمع ردها همساً !!
إستمر الحال على هذا الوضع شهرين، ومن كل السكان بلا استثناء !!
شيء عجيب !!!

انتابتني الحيرة الشديدة فسألت زوجتي : هل هناك ما يستدعي هذا التجاهل من الجيران ؟!
هل فعلنا شيئاً يغضب جيراننا ؟!!رئ
لم تجد جواباً لسؤالي ..

فقررت أن آخذ المبادرة، وطرقت باب جاري، ولم يعطني جواباً، وطرقت باب الثاني فكانت نفس النتيجة، وأنا في حيرة
ما بال الناس قد تغيرت نفوسهم من ناحيتي !؟
رجعت إلى شقتي، وأنا في حيرة من أمري !!

طرق بابي في اليوم الثالث المسؤول عن العمارة يدعوني إلى اجتماع للسكان كلهم لأمر هام .
وجدت الدعوةَ فرصة لفتح الموضوع مع الجميع، لماذا يعاملوني بهذا الجفاء ؟؟
وإذا بجارتي الأرملة تقول : أنا سأقول لك بصراحة :
كنّا قبل أن تصبح رئيساً نعيش في هدوء، لا سيارات ولا حرس ولا أصوات سيارات الأمن، ولا تفتيش أو غلق للشارع
كانت حياتنا سهلة، والآن نحن نعيش معك المآساة !!
هذا ما يجعلنا لا نريد أن نتعامل معك، لأنك تسببت لنا في مضايقات، واليوم قررنا أن نرفع ضدك قضية بالطرد من السكن إن لم تعيد حياتنا كسابقتها !!!!

يقول الرئيسُ الأسبق في حوار تليفزيوني :
خرجت وأنا كلي أسف، واعتذرت لهم لعدم اهتمامي بجيراني، ووعدتهم ان اكون محل ثقتهم، وأن أكون جاراً حقيقياً لهم .

وعلى الفور اتصلت برئيس حراستي وأمرته أن يخلي الشارع من الحراسة، وان لا تصحبني إلّا سيارتي وحارسٌ واحد بلا اضواء أو اصوات، وأن يُسحب الحارس المتواجد في مدخل العمارة، وتعهدتُ له أني مسؤول مسؤولية شخصية عن سلامتي لو حدث مكروه !!

ثم يقول :
بعد يومين من هذا الأمر عادت الإبتسامةُ إلى جيراني، وعادت معهم المودة والمحبة .

معن الطائي #الشارع_العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى