رياض فكر

الخلاف الفكري

قطبية التفكير

 

تتلخص قضية الخلاف الفكري ، بقطبية التفكير ورفض أي طرح مخالف ، والصورة الذهنية المتكونة في عقل المحاور عن محاوره وحواره ، بحيث يرفض أي طرح يطرح أمامه ، وعدم إستعداده لإيجاد أرضية مشتركة للحوار.

هو مبدأ ( مع ) أو ( ضد ) فقط .
وهو ما يشيع في مجتمعنا ” المثقف ” سواء الديني أو اللاديني وهما بهذا النمط من التفكير يشكلان معضلة الإفراط والتفريط .
لو دققنا في طريقة تفكير معظم من حولنا ، أشخاص ، زعماء طوائف ، ساسة وقيادات في مجتمعنا ، سنجد أنه يفكر ويتعامل مع الآخر بمبدأ ( مع أو ضد ، أبيض أو أسود ، سالب أو موجب ) هذا النمط من التفكير يعتبر غير واقعي لأنه يبني أحكامه على قاعدة مغلوطة، فأي شيء لا يطابق توقعاته فهو غير مقبول .
ما الذي يحدث؟
معروف أن التفكير هو أول خطوة في طريق السلوك ، فإن كان الطريق خاطئ ، فهذا يعني أن الشخص سيواجه عقبات كثيرة في المواقف والأحداث التي يرتكز عليها تفكيره .
فنمط ( كل شيء أو لا شيء ) لا ينطبق على الواقع الفعلي للحياة ، لأن هذا النمط من التفكير حدي ، فقد يكون أمر ما لا يطابق رؤيتنا لكن لا يعني ذلك أنه يعاكسها ، فلا يمكن النظر لأحداث الحياة ، وللآخرين بمنظار ذي لونين فقط ، أبيض وأسود ، فهناك مناطق رمادية تعطي للصورة كمالها وعمقها ، وحتى جماليتها
ونلاحظ هذا المبدأ كثيرا حولنا ، فطالما سمعنا :
٠ إذا لم أحصل على علامة كاملة في الإمتحان فأنا فاشل.
٠ إذا أخطأت أثناء عملي فأنا غير كفء.
٠ لا أحد يفهمني / يقدرني / يحبني.
٠ أنا لا أرى أي فائدة من العمل / العلاج / الحياة.
٠ لا أتعب نفسي بعمل لست متأكدا من نتائجه

وإنطلاقًا من ذلك يترتب على هذا النمط من التفكير آثار:
– السعي للكمال بلا أي حدود.
– الخوف من إرتكاب الأخطاء حتى الطبيعية منها.
– الخوف من الخبرات الجديدة والتجديد.
– الشعور بالإحباط نتيجة الأحكام الحدية.
– تحديد أهداف شبه مستحيلة.
– توقعات أعلى من الواقع.
– الأخطر هو رفض الآخر ، دينيًا ، إجتماعيًا وسياسيًا
وهذا ما نلمسه في الصراع الواقع حاليًا على كل المستويات ، فأصبح الناس معارضة ومولاة ، كل طرف يرفض الآخر .
إرهابي ومسالم ، الأول رافض للحكم بغض النظر عن ما إرتكز عليه معتقده ، والاخر مسالم لأنه طابق نظام الحكم بوجهة نظره .

لذلك كيف نتعامل مع نمط التفكير ؟

قد يكون هذا النمط مناسباً في بعض المواقف، لكن المشكلة تكمن في أن يصبح هذا النمط الطريقة المميزة لتفكير الشخص، والطريقة التي تتحكم في تفكير الشخص في نظرته لنفسه، أو الآخرين، أو الحياة، أو المستقبل، أو في الناحية الروحية للشخص.

لذلك يجب أن نعلم بأن :
– ليست كل الأمور ذات طرفين فقط (أبيض – أسود حسن – سيء، طيب – خبيث، صادق – كاذب،…)
– الآخرون قد يكونون طيبين رغم بعض التصرفات السلبية لديهم فلا يوجد إنسان كامل.
– الإنسان الناجح ليس فقط من يحرز أعلى درجات النجاح ولكن من يستطيع الحفاظ على ما يحققه من أي درجة من النجاح.
– جزء من أحداث الحياة ليس من صنعنا، ولذلك قدرتنا على التحكم به محدودة.
– الناس، الأمور، الأحداث، الحياة، الظروف، كما هي وليس من الضروري أن تكون كما نريد.
– تقبل الأمور على طبيعتها رغم ما فيها من سلبيات جزء من الواقعية.
– عدم التفكير بطريقة كارثية، أي أن أي سلبية أو خلل ستؤدي بالضرورة إلى كارثة.
بمعنى يجب أن نتقبل الٱخر كما هو ، ونتعامل معه كما هو ، وأن لا نطالب أن يكون كل شيء وفق رؤيتنا .

لذلك إن لم يسع الجميع لإلغاء هذا النمط من التفكير ، وتوسيع قاعدة الحوار المشترك ، وقبول الآخر ؛ فإننا ذاهبون لمنطق شديد الخطورة ، وسياسة مدمرة للمجتمع هي السياسة الإلغائية ….

سليمان_عمر ** الشارع العربي** 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى