قصص من الواقع

الأمومة الصغيرة

الأمومة من أعظم المشاعر الإنسانية وأكثرها قدسيّة.. لي تجربة مع الأمومة في عمرٍ صغيرٍ ..إنّها أمومة استثنائية لفترةٍ قصيرة..
كنت في العاشرة من عمري عندما اضطرت والدتي – حفظها الله – لإجراء عمليّةٍ جراحيّةٍ والمكوث في المشفى فترة النّقاهة.. وأنا البنت الكبرى لثمانِ أخوةٍ، أصغرنا رضيعة بعمر السنة تقريباً..
غياب أمي عنها أجبرنا على فطامها.. كلّنا يعرف مدى صعوبة هذه المرحلة على الرّضع والأمهات ..حظيتُ بالجزء الأكبر من مهمّة فطامها لأنّها متعلّقة بي جداً، فقد كنتُ بمثابة أمٍّ ثانية لها….. قمت برعايتها وإطعامها وتلبية احتياجاتها ..
إلّا أنّ تفاصيل تلك الليلة عالقةٌ بي أذكرها جيداً.. عندما اشتاقت صغيرتي لحضن أمّها و بكت بألمٍ وضيقٍ ،أبكت روحي حزناً عليها.. نزلتُ مع أبي لنتمشّى بها علّها تهدأ..حملها أبي رأفةً بي لصغر حجمي وضعف جسدي .. لكنّ غاليتي ازدادت بكاءً وعلا صراخها أكثر ! وارتمت بجسدها الصغير نحوي !! أخذتها من أبي و احتضنتها بين ذراعَيّ برفقٍ.. أغدقت عليها من دفء روحي وأشبعتها من حنان قلبي …ضممتها إلى صدري بعاطفة ألف امرأة !! وهدهدت لها حتى غفت ..نامت حبيبتي كملاكٍ ناعمٍ بين يديّ ..
يا االله ..كم فرحتُ آنذاك لما فعلته !
مرّت ليالٍ أخرى مشابهة لها ….صبرتُ فيها على تذمّرها وبكائها وجهدتُ لإرضائها وارتياحها..
ما شعرتُ حينها بعبء المسؤوليّة وصعوبة المهمّة على الإطلاق ..
إلى أن صرتُ أمّا أدركتُ أنّني فعلت ما يشقّ على الكبار فعله رغم صغر عمري آنذاك…
نحن قوّة عظمى بعظمة قلوبنا !
نحن قادرون عندما نعطي من أرواحنا.. ! لطالما كان القلب مصدر قوّة و الروح ملهم للجسد ….❤️

جميلة قري** الشارع العربي **

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى