قصص من الواقع

أنا و سائق التاكسي !!!

كالعادة… احب التنقل عبر سيارات التاكسي.. تخفيفا علي من مصروف البنزين… وراحة لي من قيادة السيارة…..

اليوم عند الثامنة ليلا.. ركبت في سيارة ليس فيها اي راكب…
تقدم بي قليلا… ثم تذكرت اني نسيت غرضا..
استوقفته وقلت له اعطيك زيادة 5000 ان انتظرتني قليلا..
قال حاضر…
احضرت الغرض.. وقلت توكل على الله…

كان يقود بهدوء وصمت
وانا في ذهني احتسب الاجرة التي سادفعها…

فاذا بي انتبه الى ورقة على زجاج السيارة مكتوب عليها :
(خفف عنا الجدال… ادفع 15000 او خف عنا)

ابتسمت…. وقلت له
15000 مرة واحدة…؟؟
فقال بحدة : نعم…. اتدري لماذا؟؟
قلت متهكما : اعرف السيمفونية سلفا… المازوت غالي وما عمنطلع حقو…
قال : المازوت غالي نعم… لكن هذا ليس السبب
قلت : ما هو السبب غير المازوت؟؟؟

اضاء ضوء السيارة قائلا :
انا اصلا معاق انظر الى ساقي والحديد فيها…
والسكري معي قد يصل احيانا الى مستويات عالية جدا

هنا تغيرت لهجتي التهكمية… وقلت : لا حول ولا قوة الا بالله

لا اعرف ماذا فعلت… حتى انقلب الهدوء والصمت الى سيل من الكلام
وجدت نفسي امام رجل جبل من الصبر والاحتمال ينفجر ويتكلم…
قال : عندي اربعة اولاد
مرض احدهم منذ يومين فصرت ادور كالتائه بسيارتي كي اشتري له الدواء… حتى استدنت ثمنه من صيدلي
اخي ترك لي 5 ايتام
امي وحماتي تحتاجان الى دواء
وزوجتي اريد ادخالها الى المستشفى منذ اسبوع وانا غير قادر
وهذه السيارة… هذه السيارة… ليست لي… يجب ان ادفع كل يوم 100 الف لصاحبها
وجرة الغاز في بيتي فلرغة منذ عشرة ايام….

انظر هل معك راكب… انا اصلا… جئت الى هنا لآخذ دين من صديق فاعطاني 200 الف كي يتعشى الاولاد…
ثم هدأ
وقال : الحمد لله… الحمد لله
مع ذلك نحن بخير….

والله كنت استمع الى هذا الجبل وانا اقول في نفسي.. يا الله كيف وصل الناس الى هذه الحالة…وكيف يدبرون امورهم؟؟؟

فسألته : جرة الغاز عندك فارغة من عشرة ايام؟؟؟؟
قال نعم
قلت وماذا تاكل انت وعيالك وايتامك وامك؟؟؟
قال : عاللبنة يا معلم!!!!!!!!
قلت : لبنة!!!!
والغداء؟؟؟
قال :عاللبنة يا معلم
قلت : يا رجل… قل شيئا غير ذلك
قال : عاللبنة يامعلم…. والله العظيم لا استطيع شرلء الفلافل…. هذا هو الحال… الحمد لله… ماذا يمكن ان نعمل؟؟

اخذت نفسا عميقا…..
تعمدت الصمت….
وقبل ان اصل بقليل
قلت له : 0تسأل ماذا يمكن ان نعمل؟؟ ساخبرك ماذا يمكن ان تعمل…
اولا : هناك صديق لي تواصل معي وقال لي اليوم اريد ان اتبرع بجرة غاز … فان جاء اليك احد يريد غازا فلياتني بها كي املأها له…
وبالتالي غدا تاتيني بجرتك ليملأها لك الصديق

ثانيا : انت معك الان 200 الف دين من صديقك
احتفظ بها
هناك صديقة لي اعطتني 300 الف وقالت اشتري بها دجاجا او لحما لمن لا يستطيع
فما ستفعله الآن هو ان تأخذ ال300 الف.. وتتوجه فورا الى اي مطعم فتشتري فروجا او اكثر… او الى اي ملحمة تعمل ليلا فتشتري لحما …
الليلة
اترك اللبنة في البراد من بعد امرك…
الليلة لا تنام الا وقد اكلت دجاجا او اكلت لحما…..

صار يبكي…… يبكي…. يشهق… يبكي
عانقته وهو يقود…
والدمع يغرغر في عيني ايضا

وقلت له
اوتظن ان الله ساقك الى منطقتي عبثا؟؟
اوتظن انك التقيت بي عبثا؟؟؟
اوتظن ان صديقي تبرع بجرة غاز عبثا؟؟؟
اوتظن ان صديقتي تبرعت بالمال عبثا؟؟
اوتظن اني نسيت الغرض عبثا؟؟؟
اوتظن اني قرات الورقة على الزجاج فسألتك عبثا؟؟؟
انه الله…
سخر كل ذلك لك…. كي يفرج همك الليلة….

مسح دمعه… كرر حمده… وعبر عن شكره

ايها الناس
هناك من يعيش على اللبنة بصمت… ويعجز عن شرلء الفلافل… ويحلم باللحمة…
ايها الناس
ابحثوا عنهم….
رجاء… ابحثوا عنهم

محمد اسوم** الشارع العربي **

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى