قصص من الواقع

آخر لقاء

تحكي الفنانة شاديه عن ذكريات حفل #بيسين_عالية الذي أحياه فريد #الأطرش وشادية..
#كان يوماً غريباً لا أنساه ذلك الذي التقيت فيه مع فريد في كازينو “اليسين”.
وكان #المطر يهطل بغزارة #غريبة رغم أننا كنا في شهر #أغسطس.. هل يصدق أحد أن تسقط الأمطار بهذه الكثافة في شهور #الصيف؟
إنها ليست أمطاراً.. بل هي #دموع غزيرة.. كأن #السماء كانت #تبكى من أجله.. حزناً عليه من النهاية المؤلمة التي كانت تقترب بسرعة.
ووقف فريد ليغني #امام الناس.. ورغم صحته المنهارة إلا أنه #غنى كأنه في العشرين من عمره.. غنى بحرارة وانفعال.. لم أره أبداً يغني بمثل #هذا الحماس.. واستمر فريد واقفاً #فوق المسرح ساعات طويلة و #حتى الخامسة صباحاً.. وكأنه يودع محبيه #الوداع #الأخير.. نسى مرضه.. ونسى نصائح وتحذيرات الأطباء.. ونسى #خطر الموت..
واستمر يغني #تحت المطر الذي لا يتوقف..
وخرج الناس إلى بيوتهم ليستبدلوا ملابسهم بملابس أخرى ثقيلة بعد أن ابتلت ليعودوا مرة أخرى ليصفقوا له وهو يغني:
يا حبايبى يا #حلوين
#واحشنى يا غاليين
لو اغمض وافتح
وألاقيكم جايين

ودموع السماء لا تتوقف.. و #القلب المريض يغني بلا توقف.. و #المسرح_المكشوف لا يستطيع أن يمنع سقوط الأمطار فوق فريد وفوق المتفرجين.. والناس يصرخون من #الإعجاب ولا يفكرون أبداً في #الهروب من المطر.. بل تمسكوا بمقاعدهم وكأنهم يشعرون أنه الوداع الأخير لفنانهم الذي عاش يملأ الدنيا بالحب!
وعدت إلى الفندق.. فدق جرس التليفون ووجدت فريد يقول لي: سأعود للغناء مرة أخرى.. تعالي.
ما الذي حدث له.. إنه لا يريد أن يتوقف أبداً عن الغناء.. هذا #انتحار.. #كيف يتحمل قلبه المريض كل هذا الإجهاد؟
وعدت لأقول له كفى يا فريد.. لابد أن تستريح.. وجلست في الكواليس وأنا أتطلع إليه وكأني أراه للمرة الأولى في حياتي.. شاباً باسماً يتحدى المطر ويغني للحب وسط #غضب الطبيعة.
وانقبض قلبى وكاد يتوقف وأنا أسمعه يقول للجمهور:
– هذه آخر مرة أغنى لكم وهذه آخر أغنية.
وبعد أن انتهى من الأغنية قلت له:
-ما هذا الذي تقوله يا فريد.. أنت دائماً تقول كلاماً يوجع القلب.
وأحسست وأنا أصافحه بأن يديه باردتين كالثلج.. وقبلني فوق خدي.
كانت الساعة الخامسة صباحاً.. ولولا أن دوري في الغناء كان قد حان لما كنت تركته أبداً.. صاحب القلب الدافىء واليدين الباردتين.
وقال لي فريد: لازم تيجي بعد انتهائك من الغناء.. سأنتظرك على مائدة الإفطار.
كان نور الفجر قد بدأ يظهر.. إنها أول مرة أغني فيها تحت نور الفجر.. وانتهيت من الغناء في السادسة صباحاً.. وأنا أشعر بإرهاق شديد فالضغط الذي أشكو منه بدأ يرتفع فجأة بسبب صعودي إلى هذا المكان المرتفع فوق الجبل.
لقد غنيت:
اتعودت عليك يا حبيبي
وبقيت ملك إيديك يا حبيبي
وكأني كنت أغنيها لفريد الذي كان لقائي معه في الكواليس فوق الجبل آخر لقاء.
وما يحز في نفسي الآن أنى لم أتمكن من الذهاب إليه بعد انتهائي من الغناء لتناول الإفطار كما وعدته..

ولولا الصداع الشديد لكنت ذهبت إليه…

العبرة : قديكون هناك حب  يبقى نبضه بالقلب رغم صعوبة تحققه على أرض الواقع

#مختارات_الشارع_العربي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى